أن كنتم مستضعفين في الأرض تخافون أن يتخطّفكم الناس فآواكم وأيّدكم بنصره.
(ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم الطّبيعيّة والاختراميّة (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) للسؤال في القبور وللبعث والنشور يوم ينفخ في الصور (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، بالنشور للحساب أو بالمصير إلى الجزاء من الثواب أو العقاب.
وإنّما عطف الأوّل بالفاء الدّالة على الاتّصال والباقي بثمّ الدّالة على التّراخي ، لأنّ الإحياء الأوّل قد تعقّب الموت الّذي طرى عليه الحياة بشيء من الوجوه المتقدّمة بغير تراخ لاعتبار المقابلة في معنييهما على ما سمعت ، فانّ الإحياء قد ترتّب على كونهم أمواتا الصّادق على ما قبل الإحياء وإن كان له أزمنة غير متناهية متحققة أو موهومة من جهة المبدء ، وأمّا الموت فقد تراخى عن الإحياء كما أنّ الإحياء الثّاني في القبر أو الحشر متراخ عن الموت ، وكذا الرّجوع على الوجهين.
والموت عدم الحياة مطلقا او عدم الحياة عمّا من شأنه الحياة ، ويتقابلان بالمعاني المتقدّمة ، والحقّ أنّهما مخلوقان لقوله : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) (١) ولما ورد من ذبح الموت بين الجنّة والنّار (٢) ، نعم الموت بالمعنى الأوّل وهو العدم الأزلي المطلق المستمرّ غير مخلوق ولا مجعول.
والكفر في الآية يشمل كفر الجحود والعناد والاعتقاد والعصيان ، فيكون الخطاب للمؤمنين والمنافقين والكفّار ، ويحتمل الإختصاص بالأخيرين على ما مرّ ، وبعضهم وإن أنكر حياة القبر والبعث في الحشر وانّه إليه يرجع الأمر ، إلّا أن تمكّنهم عن تحصيل العلم بها بعد نصب الدّلائل وإخبار الرسل وتظافر الحجج وشهادة العقول نزّلها عندهم منزلة الأمور المعلومة الّتي لا يحوم حولها شبهة وريبة ، مع أنّ
__________________
(١) الملك : ٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٦٠ ص ٢٦١.