في ذلك هو الاستفسار والاستخبار ، لا الافتخار والاستحقار.
والسفك : الصبّ والإهراق وانّ اختصّ بحسب الإطلاق في الدّم والدّمع ، فيطلق فيهما كما يطلق السبك في الجواهر المذابة ، والسفح في الصبّ من أعلى ، والشنّ في الصبّ من فم القربة ، وكذلك السنّ بالمهملة ، فالجميع مشترك في جنس والخصوصيّة مستندة إلى الوضع أو الإطلاق والآتي منه يسفك بالكسر ، وقرئ يسفك بالضّم ، ويسفك من أسفك ويسفّك من سفّك ويسفك على البناء للمفعول ، فيكون الراجح إلى من سواء جعل موصولا أو موصوفا محذوفا أي يسفك الدّماء فيهم.
والدّم أصله دمو بالتحريك من دمى يدمى كرضى يرضى ، ولذا ابدلوا الواو ياء ، وقيل : إنّ أصله الياء وجاء تثنيته على دميان ودموان ، وعليهما فجمعه على الدّماء مخالف لنظائره.
وقال سيبويه : أصله دمى بالتّسكين لأنّه يجمع على دماء ودمى مثل ظبى وظباء وظبى ، ودلو ودلاء ودلى.
والمراد بالإفساد أن كان هيّج الحروب والفتن حيث انّ فيه فساد حال الإنسان الذي هو أشرف المواليد ويتبعه فساد الآخرين ولذا قال : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) (١) ، فالعطف للبيان أو مطلق إحداث الفساد الذي هو ضد الصلاح فمن تعقيب العام بالخاص الذي هو اظهر افراده ، وأشدّها في بابه ، وأقبحها فعلا ، وأهمّها تركا ، وربما يفسّر بالشرك فيغاير السفك.
__________________
(١) البقرة : ٢٠٥.