وفيه : إن الشرط إنما هو القدرة على الواجب في زمانه ، لا في زمان الايجاب والتكليف ، غاية الامر يكون من باب الشرط المتأخر ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه أنه كالمقارن ، من غير انخرام للقاعدة العقلية أصلا ، فراجع (١).
______________________________________________________
التكليف لا يعقل ان يكون البعث اليه فعليا ، لما عرفت من كون البعث الفعلي يتوقف على القدرة وهي مفقودة في المقام ، فلا يعقل ان يكون البعث فعليا وفي الحال ومتعلق التكليف امرا استقباليا لا قدرة للمكلف على اتيانه بالفعل ، وقد عرفت انه لا بد في الواجب المعلق ان يكون البعث فعليا وفي الحال ، والمبعوث اليه امرا استقباليا.
(١) حاصل الجواب عن هذا الاشكال ان القدرة التي هي شرط في كون التكليف فعليا هي قدرة المكلف على المبعوث اليه في زمان اتيان المبعوث اليه لا في زمان البعث ، حيث ان الفعل المشترط بقدرة المكلف ـ من ناحية عدم امكان تكليف المكلف بما هو خارج عما يستطيع ويطيق والذي يلزم به هذا الشرط الفعلي ـ ليس هو الاعم من القدرة في زمان التكليف مستمرة إلى زمان اتيان المكلف به ، بل خصوص القدرة عليه في زمانه ، فإن المكلف القادر على ما كلف به في زمانه لم يكلف بما هو خارج عن وسعه وطاقته.
ولا يخفى ان القدرة حيث انها شرط في كون التكليف فعليا إذا لم تكن في زمان البعث متحققة وكانت متحققة في زمان الواجب فلا بد وان يكون كونها شرطا في التكليف قد اخذ في التكليف بنحو الشرط المتأخر وهو ان لحاظ المكلف قادرا في زمان الواجب هو الشرط في فعلية التكليف ، وقد مر عليك معقولية الشرط المتأخر وانه ليس من المتأخر بل هو من المقارن ، والى هذا أشار بقوله : «غاية الامر يكون من باب الشرط المتأخر».