فانقدح بذلك : أنه لا إشكال في الموارد التي يجب في الشريعة الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب ، كالغسل في الليل في شهر رمضان وغيره مما وجب عليه الصوم في الغد ، إذ يكشف به بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب ، وإنما المتأخر هو زمان إتيانه ، ولا محذور فيه أصلا ، ولو فرض العلم بعدم سبقه ، لاستحال اتصاف مقدمته بالوجوب الغيري (١) ، فلو
______________________________________________________
(١) بعد ما عرفت انه لا مانع من ان يكون الواجب الذي كان زمان الإتيان به استقباليا ان يكون وجوبه حاليا وفعليا وان الوجوب للمقدمة يترشح من الوجوب الفعلي ـ تعرف انه في الموارد التي قام الدليل على اتيان المقدمة واجبة بوجوب شرعي وكان زمان الواجب فيها متاخرا واستقباليا يكشف بطريق الإن ان وجوب هذا الواجب كان متقدما وحاليا ، إما بنحو الواجب المشروط بالشرط المتأخر أو كان بنحو الواجب المعلق ، كقيام الدليل على وجوب الغسل للمستحاضة في الليل بنحو كونه شرطا لصوم الغد ، فإن مثل هذا يكشف ان وجوب الصوم كان متقدما في الليل إما بنحو الشرط المتأخر أو بنحو الواجب المعلق ، وان المتأخر زمان الاتيان بالواجب لا زمان وجوبه بل زمان وجوبه متقدم ، واذا كان متقدما فيترشح منه الوجوب على ما يتوقف صحة الصوم في الغد وهو الغسل في الليل ، وهو على القاعدة لأن العلة لم تكن متأخرة عن المعلول بل في زمانه ، والى هذا أشار بقوله : «كالغسل في الليل في شهر رمضان وغيره» : أي وغير شهر رمضان كصوم بدل الهدي «ممن وجب عليه الصوم في الغد اذ يكشف به» : أي يكشف بواسطة وجوب هذه بعنوان كون وجوبها وجوبا مقدميا شرعيا ، وهو معلول لوجوب ذي المقدمة ، فوجود هذا الوجوب المقدمي الشرعي يكشف عن وجوب ذيها في ذلك الوقت والزمان ، لأن وجود المعلول يكشف عن وجود العلة وهو الكشف الإني ولذا قال : «بطريق الإن عن سبق وجوب الواجب وانما المتأخر هو زمان اتيانه» : أي اتيان هذا الواجب لا زمان وجوبه ، ولو علمنا ان وجوب هذا الواجب ليس بمتقدم بل هو متأخر