إن قلت : لو كان وجوب المقدمة في زمان كاشفا عن سبق وجوب ذي المقدمة لزم وجوب جميع مقدماته ولو موسعا ، وليس كذلك بحيث يجب عليه المبادرة لو فرض عدم تمكنه منها لو لم يبادر (١).
______________________________________________________
ولا محذور في هذا الوجوب النفسي للمقدمة ، لانه لا يلزم ان يكون وجوب المقدمة دائما وجوبا غيريا ترشحيا.
نعم ، الوجوب الغيري الترشحي لا بد وان يكون لمقدمة واجب ولا يلزم ان يكون كل وجوب ـ عرض للمقدمة ـ وجوبا غيريا ترشحيا ، واذا لم يكن وجوبها غيريا فلا يكون من تحقق المعلول قبل تحقق علته ، إذ المعلول لوجوب ذي المقدمة هو الوجوب الغيري فلا يعقل تحققه قبل تحقق الوجوب النفسي لذي المقدمة ، والى ما ذكرنا أشار بقوله : «فلا محذور أيضا».
(١) قد عرفت انه إذا وجبت المقدمة قبل زمان ذيها كشف بطريق الإن عن تقدم وجوب ذيها ما لم يعلم بعدم تقدمه فنلتزم بالوجوب النفسي للمقدمة ، وعلى هذا :
أي لو فرضنا تقدم وجوب مقدمة من مقدمات الواجب ولم نكن نعلم بعدم السبق فيكون هذا الوجوب للمقدمة كاشفا عن تقدم وجوب ذي المقدمة ، واذا تقدم وجوب ذي المقدمة فلا بد من الالتزام بوجوب جميع مقدمات هذا الواجب قبل زمانه ولا يقتصر على خصوص المقدمة التي قام الدليل على وجوبها.
نعم ، يكون وجوب المقدمات مختلفا ، فإن كانت المقدمات موسعة بمعنى انها يقدر عليها قبل زمانه وفي زمانه فيكون وجوبها وجوبا موسعا مما قبل زمان الواجب إلى آخر زمان الواجب بمقدار اتيانها واتيانه ، وان كانت مضيقة وهي التي يكون ظرف اتيانها قبل زمان الواجب كغسل المستحاضة ليلا مثلا فيكون وجوبها وجوبا مضيقا.
ثم لا يخفى أن لازم الواجب الموسع انه لو علم المكلف اتفاقا انه لا يقدر عليه في بعض الازمنة المتأخرة يكون وجوب المبادرة اليه في الزمان الذي يقدر عليه لازما ،