قلت : لا محيص عنه ، إلا إذا أخذ في الواجب من قبل سائر المقدمات قدرة خاصة ، وهي القدرة عليه بعد مجيء زمانه ، لا القدرة عليه في زمانه من زمان وجوبه ، فتدبر جدا (١).
______________________________________________________
والظاهر ان القوم لا يلتزمون بذلك : بمعنى انه لو قام دليل على وجوب بعض مقدمات الواجب المتأخر ظرف اتيانه لا يلتزمون بوجوب جميع مقدماته وجوبا موسعا بحيث لو لم يبادر اليها قبل زمانه وصادف عجزه عنها في زمان الواجب كان تاركا للواجب النفسي لترك مقدماته في وقت كان قادرا عليها ، والى هذا أشار بقوله : «وليس كذلك بحيث يجب عليه المبادرة إلى آخره».
(١) حاصله انه لا بد من الالتزام بذلك في المقدمات التي لم يؤخذ في الواجب قدرة خاصة توجب اختصاص المقدمة بزمان الواجب كالواجب.
وتوضيحه ببيان امرين :
الأول : ان الوجوب المترشح من الواجب انما يترشح لما يتوقف عليه الواجب ، فاذا كان شيء في وقت لا يتوقف عليه الواجب وفي وقت آخر يتوقف عليه فالوجوب انما يترشح إلى ذلك الشيء في وقت التوقف ، اذ هو في الحقيقة في غير ذلك الوقت ليس بمقدمة للواجب.
الثاني : ان الواجب الذي له مقدمات انما يكون مقدورا عليه بالقدرة على مقدماته ، فلكل مقدمة بالنسبة إلى الواجب قدرة مخصوصة بينه وبين مقدمته.
فاذا عرفت هذا نقول : انه ربما يكون مأخوذا في الواجب بالنسبة إلى بعض مقدماته قدرة خاصة ، فمثل الطهارة بالنسبة إلى الصلاة قد اخذ في الصلاة ، قدرة خاصة بالنسبة اليها ، وهي القدرة على الطهارة في وقت الإتيان بالصلاة ، فالمكلف مأمور بالصلاة ، التي يتمكن من الطهارة لها في وقت اتيانها ، ومثل هذه القدرة على الطهارة هي المأخوذة في الصلاة ومما تتوقف عليها الصلاة ، أما الطهارة قبل وقت الصلاة فبحكم العدم من حيث توقف الصلاة عليها ، فلا يكون للطهارة