ثانيهما : إن تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الاطلاق في المادة ويرتفع به مورده ، بخلاف العكس ، وكلما دار الامر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى.
أما الصغرى ، فلاجل أنه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة وبيان لاطلاق المادة ، لانها لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة ، بخلاف تقييد المادة ، فإن محل الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله ، فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه.
وأما الكبرى ، فلان التقييد وإن لم يكن مجازا إلا أنه خلاف الاصل (١) ، ولا فرق في الحقيقة بين تقييد الاطلاق ، وبين أن يعمل عملا
______________________________________________________
فهو بعد ان تقيد لبا : بانه يكتفي فيه بالواحد فهو في معرض التقييد ، بخلاف العموم الاستغراقي فانه شمولي لجميع الافراد ، فليس في نفس شموله واستيعابه تقييد فهو أبعد عن التقييد وليس في معرضه.
(١) حاصل هذا الثاني : هو انه قد عرفت ان القيد الذي يلحق الهيئة يلحق المادة قطعا ، فانه من الواضح انه إذا كان الوجوب مقيدا بالوقت ـ مثلا ـ فلا بد وان يكون الواجب مقيدا به أيضا ، فإن وجوب الاكرام إذا كان مقيدا بوقت فمن الضروري ان الاكرام لا يعقل ان يكون قبل الوقت الذي تقيد به وجوب الاكرام ، وأما إذا كان الوقت قيدا للمادة ـ وهي الاكرام ـ فإن الوجوب يمكن ان يتقيد ـ أيضا ـ بالوقت ويمكن ان لا يتقيد : بان يكون الوجوب قبل وقت الواجب وهو الاكرام.
فاذا اتضح هذا : نقول ان القيد إذا كان راجعا إلى الهيئة يلزم تقييدان : تقييد الهيئة وتقييد المادة ، لما عرفت من القيد الراجع إلى الهيئة راجع إلى المادة ومقيد لها أيضا ، فاذا دار امر القيد بين كونه راجعا إلى الهيئة أو راجعا إلى المادة يتعين رجوعه إلى المادة ، لأن رجوعه إلى المادة لا يلازمه تقييد الهيئة ، فحينئذ يكون لنا تقييد واحد وهو تقييد المادة فقط ، وكلما دار الامر بين تقييدين وتقييد واحد فلا بد