.................................................................................................
______________________________________________________
وأورد على تعريف الغيري بانه غير مطّرد : أي غير مانع من دخول غير افراد المعرّف فإن الواجب الغيري الذي عرفوه : بانه ما امر به لغيره يشمل الواجبات الغيرية ، كمقدمة الواجب فإنها امر بها لغيرها ، ويشمل الواجبات النفسية المذكورة التي خرجت عن تعريف الواجب النفسي فإنها قد امر بها لغيرها ، لما عرفت ان المطلوب والمحبوب في الحقيقة فيها هو آثارها لا هي بنفسها فيصدق عليها ما عرفوا به الواجب الغيري ، فلذلك عدل في التقريرات عن تعريف القوم وعرفهما بما ذكره في المتن وذكر له مقدمة : وهي انه لا اشكال ان الوجوب من غير داع محال لعدم الجزاف والتشهّي في الواجبات الشرعية فلا بد وان تكون لغرض وداع دعا إلى ايجابها ، والى هذه المقدمة أشار بقوله : «وحيث كان طلب شيء وايجابه لا يكاد يكون بلا داع» وحينئذ نقول ان الداعي إلى إيجاب الواجب ان كان هو التوصل به إلى واجب آخر لتوقف هذا الواجب الآخر عليه بحيث لولاه لا يحصل التوصل والتمكن منه فهذا الواجب غيري ، وإذا لم يكن الداعي إلى وجوب الواجب هو التوصل به إلى واجب آخر فالواجب نفسي ، سواء كان هذا الواجب النفسي محبوبا ومطلوبا لذاته كمعرفة الله أو كان محبوبا لما يترتب عليه من الفائدة والاثر الذي هو المحبوب في الحقيقة.
فتحصل مما ذكر : ان الواجب الغيري ما وجب للتوصل به الى واجب آخر ، والواجب النفسي ما وجب لا لواجب آخر «سواء كان الداعي» إلى وجوب هذا الواجب «محبوبية» هذا «الواجب بنفسه كالمعرفة بالله أو» كان الداعي إلى وجوبه محبوبيته لا بنفسه بل «بما له من فائدة مترتبة عليه كاكثر الواجبات من العبادات» كالصلاة والزكاة والغسل والوضوء ، فإن الغرض من الزكاة تنمية الاموال والضمان الاجتماعي للفقراء ، والغرض من الغسل والوضوء هو النور المترتب عليهما والذي به تندفع ظلمة الحدث الاكبر والاصغر ، ومثلها «التوصليات» كالتطهير من الخبث وازالة القذارة ودفن الميت وساير الواجبات الكفائية التي بها يحصل النظام الاجتماعي.