واتصاف الفعل بالمطلوبية الواقعية والارادة الحقيقية الداعية إلى إيقاع طلبه ، وإنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقيقي وتحريكا إلى مراده الواقعي لا ينافي اتصافه بالطلب الانشائي أيضا ، والوجود الانشائي لكل شيء ليس إلا قصد حصول مفهومه بلفظه ، كان هناك طلب حقيقي أو لم يكن ، بل كان إنشاؤه بسبب آخر.
ولعل منشأ الخلط والاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق ، فتوهم منه أن مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيا ، يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع ، ولعمري إنه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ، فالطلب الحقيقي إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة قابلا له ، وإن تعارف تسميته بالطلب أيضا ، وعدم تقييده بالانشائي لوضوح إرادة خصوصه ، وإن الطلب الحقيقي لا يكاد ينشأ بها ، كما لا يخفى.
فانقدح بذلك صحة تقييد مفاد الصيغة بالشرط ، كما مر هاهنا بعض الكلام ، وقد تقدم في مسألة اتحاد الطلب والارادة ما يجدي في المقام. هذا إذا كان هناك إطلاق (١) ، وأما إذا لم يكن ، فلا بد من الاتيان به
______________________________________________________
الحقيقي ربما يكون هو السبب لانشاء مفهوم الطلب وقد يكون غيره بقوله : «نعم ربما يكون هو السبب لانشائه» : أي الطلب الحقيقي إلى آخره.
(١) يشتمل كلامه هذا ـ إلى قوله : وقد تقدم في مسألة اتحاد الطلب والارادة ما يجدي في المقام ـ على امور :
ـ منها : ان الفعل المتعلق للطلب كما يوصف بكونه مطلوبا حقيقيا كذلك يتصف بكونه مطلوبا انشائيا ، وانه متعلق للطلب الانشائي كما انه متعلق للطلب الحقيقي ، لوضوح انه انما يتصف ماهية الطلب بانه حقيقي لكون الطلب الحقيقي نحو من انحاء