يكون وقوعه على وجه المطلوب منوطا بحصوله انتهى موضع الحاجة من كلامه ، زيد في علو مقامه (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الدليل الثالث الذي اعتمد عليه في الفصول لاختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة.
وحاصله : انه قد عرفت ان الحاكم باصل الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها هو العقل ، وانه لا بد وان يكون هو المرجع في تعيين الموضوع لهذه الملازمة ، والعقل حيث يرى ان السبب في ارادة المقدمة عند ارادة ذيها هو كون ذي المقدمة يتوقف وجوده على وجود المقدمة. ولا اشكال ان ما يتوقف عليه وجود ذي المقدمة هو المقدمة التي يلازمها ويتعقبها وجود ذيها ، وهي خصوص المقدمة الموصلة إلى الواجب دون المقدمة غير الموصلة فإنها لا يلازمها وجود الواجب ولا يتعقب وجودها وجوده ، فالعقل يحكم والوجدان يؤيده : بان ما يسرى اليه وما كانت الملازمة بين وجوبه ووجوب الواجب هو المقدمة التي توصل إلى المطلوب دون المقدمة التي لا توصل اليه ، فإن المقدمة غير الموصلة اليه لا يتوقف وجوده عليها ، بل هي بالنسبة إلى الواجب كالاجنبي الذي لا ربط بينه وبين الواجب. وكما ان العقل يحكم صريحا بان لا وجوب غيري لغير المقدمة ، كذلك يحكم صريحا : بان غير الموصل لا يختلف عنه فيما هو المهم من توقف وجود ذي المقدمة على ما يتوقف عليه من المقدمات ، فالعقل يحكم حكما صريحا : بان الوجوب الغيري الساري من الوجوب النفسي انما يلحق المقدمة الموصلة دون غيرها ، وان الملازمة انما هي بين وجوب خصوص المقدمة الموصلة ـ لا مطلق المقدمة ـ وبين ذيها ، وهذا مراده من قوله : «حيث ان المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب وحصوله» : أي وان الغرض من وجوب المقدمة هو حصول الواجب «فلا جرم يكون التوصل بها اليه» : أي التوصل بها إلى الواجب النفسي «وحصوله» : أي وحصول الواجب النفسي يعقب حصولها «معتبرا في مطلوبيتها» واذا انفكت عن حصول الواجب بعدها فلا تكون مطلوبة ،