حيث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب وحصوله ، فلا جرم يكون التوصل بها إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها ، فلا تكون مطلوبة إذا انفكت عنه ، وصريح الوجدان قاض بأن من يريد شيئا بمجرد حصول شيء آخر ، لا يريده إذا وقع مجردا عنه ، ويلزم منه أن
______________________________________________________
سواء الموصلة منه وغير الموصلة ، والى هذا أشار بقوله : «كما انها قاضية يقبح التصريح بعدم مطلوبيتها» : أي مطلوبية المقدمة مطلقا سواء الموصلة وغيرها. وأيضا يدرك العقل قبح التصريح من الآمر الحكيم : بان الايصال بالنسبة إلى المقدمة من قبيل شرط الوجوب ، فتكون مطلوبة بعد ايصالها إلى الواجب ، فيكون من قبيل طلب الحاصل من الحكيم وهو قبيح عليه ، إلّا ان هذا الاخير ليس من منافيات الحكمة ، لأن المحال من منافيات العقل لا من منافيات الحكمة ، وان منافيات الحكمة موضوعها الممكن الذي يلزم من وقوعه ما هو مناف لحكمة الحكيم ، دون المحال الذي لا يعقل ان يامر به العقلاء فضلا عن موجد العقل والعقلاء. وعلى كل فقد أشار إلى هذا بقوله : «أو على تقدير التوصل بها اليه».
وبالجملة إذا تم كون القدر المتيقن عند العقل هو المقدمة الموصلة وانه لا يابى العقل من تصريح الآمر بخصوص الموصلة بل العقل يحكم حكما قطعيا بعدم المانع من ذلك التصريح ، وان المرجع والمتبع في مثل المقام هو حكم العقل وتحديده لما هو الواجب بالوجوب المقدمي ـ يتم اختصاص الوجوب بخصوص المقدمة الموصلة دون مطلق المقدمة ، ولذلك قال (قدسسره) : «وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه» : أي بين وجوب ذي المقدمة «ووجوب مقدماته على تقدير عدم التوصل بها» وانما الملازمة عنده بين وجوب ذي المقدمة ومقدماته الموصلة اليه.