قلت وأنت خبير بما بينهما من الفرق ، فإن الفعل في الاول لا يكون إلا مقارنا لما هو النقيض ، من رفع الترك المجامع معه تارة ، ومع الترك المجرد أخرى ، ولا تكاد تسري حرمة الشيء إلى ما يلازمه ، فضلا عما يقارنه أحيانا.
نعم لا بد أن لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم آخر على خلاف حكمه ، لا أن يكون محكوما بحكمه ، وهذا بخلاف الفعل في الثاني ، فإنه بنفسه يعاند الترك المطلق وينافيه ، لا ملازم لمعانده ومنافيه ، فلو لم يكن عين ما يناقضه بحسب الاصطلاح مفهوما ، لكنه متحد معه عينا وخارجا ،
______________________________________________________
وقد ذكرنا : ان نقيض الترك هو ترك الترك دون الفعل ، لأن نقيض الشيء رفعه ورفع الترك ترك الترك دون الفعل ، لأن الفعل مفهوم وجودي والنقيض الحقيقي مفهوم عدمي ، فنقيض الوجود ـ مثلا ـ اللاوجود ونقيض اللاوجود وهو رفع اللاوجود يلازم الوجود ، وقد أشار إلى ما ذكرنا بقوله : «لأن الفعل أيضا» : أي على القول بوجوب المقدمة مطلقا الذي اعترف الفصول بفساد الصلاة ، بناء عليه فعل الصلاة أيضا ليس هو النقيض لما هو الواجب ، بل هو ملازم لما هو النقيض لأن الفعل «ليس نقيضا للترك» الذي هو الواجب حتى يكون الفعل محرما لهذه المناقضة مشيرا إلى التعليل بقوله : «لانه امر وجودي» : أي فعل الصلاة امر وجودي ونقيض ترك الصلاة مفهوم عدمي وهو ترك ترك الصلاة دون الفعل ، وأشار إلى النقيض بلازم الفعل بقوله : «ورفع الترك انما يلازم الفعل مصداقا وليس عينه» مفهوما ، إذ لا يعقل ان يكون المفهوم الوجودي عين المفهوم العدمي ، وقد أشار إلى الفرق بين النقيض على المقدمة الموصلة وبينه على القول بغير الموصلة بقوله : «غاية الامر» إلى آخر كلامه.