لا يقال : كيف ولا يكاد يكون فعل إلا عن مقدمة لا محالة معها يوجد ، ضرورة أن الشيء ما لم يجب لم يوجد (١).
______________________________________________________
الموصوفة بكونها بعد تحققها يكون الحرام ضروري التحقق وهذا معنى قوله لا يبقى معها اختيار تركه.
وعلى هذا تنحصر المقدمة المحرمة بالمقدمة الاخيرة في الافعال التوليدية ، لأن الافعال الاختيارية وان كان لها مقدمة أخيرة بحيث إذا وجدت لا بد وان يوجد الحرام أو المكروه بعدها إلّا أن هذه المقدمة الاخيرة هي الارادة والارادة لا تكون متعلقة للامر أو النهي ، وقد أوضح هذا بقوله : لا يقال ، والجواب بقوله : فانه يقال.
(١) حاصله : ان الممكن لا يعقل ان يوجد إلّا إذا كانت له علة تامة بحيث يجب ان يوجد معها ، إذ الممكن مسلوب الضرورة من الطرفين وتأتيه الضرورة واللزوم من قبل غيره وهي علته ، ولا يجوز ان يوجد الممكن إلّا إذا كان بحيث يجب ان يوجد ، لانه إذا جاز ان يوجد مع امكان ان لا يوجد جاز ان يوجد من غير علة لأن لازم ذلك ان يترجح احد طرفيه على الآخر من دون مرجح فيكون قد حصل ترجح لاحد اطرافه من دون مرجح ، وهو معنى حصول المعلول من غير علة وتفصيله موكول إلى محله.
وعلى كل ان الممكن ما لم يجب لم يوجد وهي قضية مبرهن عليها في محلها بحيث اصبحت اليوم من المسلمات. وحيث ان الفعل التوليدي والفعل الاختياري يشتركان في الامكان فكل منهما لا يعقل ان يوجد إلّا ان يكون ضروريا ، ومعنى كون وجوده ضروريا هو ان لا يبقى مجال لتركه ، فكما ان في الافعال التوليدية مقدمة أخيرة يكون وجود الفعل عندها ضروريا ، كذلك في الافعال الاختيارية مقدمة أخيرة يكون الفعل معها ضروريا.
وعلى هذا فكيف يختص النهي الغيري بخصوص المقدمة الاخيرة في الافعال التوليدية دون الافعال الاختيارية؟ مع ان الفعل الاختياري كالتوليدي في انه