ومن هنا انقدح أنه لا وجه لدعوى العينية ، ضرورة أن اللزوم يقتضي الاثنينية ، لا الاتحاد والعينية.
نعم لا بأس بها ، بأن يكون المراد بها أنه يكون هناك طلب واحد ، وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه ، كذلك يصح أن ينسب إلى الترك بالعرض والمجاز ويكون زجرا وردعا عنه (١)
______________________________________________________
فإنها لا بد وان تكون الارادة الناشئة عنها ذات مرتبة أضعف من الارادة المنبعثة عن المصلحة الملزمة ، وان كان كل من الارادتين كافيا في جعل الداعي والتحريك إلى اتيان الشيء ، اذ ما لم يكن الشوق بالغا لجعل الداعي لا يكون طلبا ولا باعثا ومحركا.
فظهر : ان حقيقة الوجوب هو الارادة الشديدة فقط وليست حقيقته مركبة من طلبين : طلب الفعل ، والنهي عن الترك ، وليست حقيقة الوجوب هو ارادة الشيء وكراهية تركه وبغضه ، والى هذا أشار بقوله : «لا مركبا من طلبين» وأشار إلى ان توهم تركب حقيقة الوجوب من طلب الفعل والمنع عن تركه قد نشا من تعريفهم له بذلك وانه تعريف باللازم ، وليس هو الحد المشتمل على أجزاء ذات الطلب بقوله : «نعم في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها» إلى آخره ، وأشار إلى انه لازم بين بالمعنى الاعم بقوله : «بل من خواصه ولوازمه بمعنى انه لو التفت الامر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة وكان يبغضه البتة».
(١) لا يخفى انه إذا ثبت ان المنع من الترك من لوازم الطلب الوجوبي فهو كما ينتفي به دعوى دلالته عليه بالتضمن كذلك ينتفي به دعوى العينية والاتحاد في المصداق ، لوضوح ان الامر اللازم لشيء ليس هو عين ذلك الشيء ومتحدا معه مصداقا ، لأن العينية والاتحاد في المصداق لازمها ان يكون المفهومان منتزعين عن شيء واحد وليس لكل واحد منشأ انتزاع غير منشأ انتزاع الآخر ، بخلاف كون شيء لازما لشيء فإن لازمه ان يكونا اثنين ولكل واحد منشأ انتزاع غير منشإ انتزاع الآخر.