فإنه يقال : استحالة طلب الضدين ، ليس إلا لاجل استحالة طلب المحال ، واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته ، لا تختص بحال دون حال ، وإلا لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد ، بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب ، مع أنه محال بلا ريب ولا إشكال (١).
______________________________________________________
قوله : «فلولاه لما كان متوجها اليه الا الطلب بالاهم» لانه لو لم يعص الأمر بالاهم لما كان الامر بالمهم متوجها ، ولو اطاع لما توجه اليه الا طلب واحد وهو الطلب بالأهم.
(١) وحاصله : ان قبح الطلب بما لا يطاق وبتحصيل المحال لا يدور مدار سوء اختيار المكلف وحسن اختياره ، فإن طلب المحال من الحكيم لا يصدر وان كان بسوء اختيار المكلف ، ولذا لا يعقل ان يأمر المولى بالمحال معلقا امره به على امر اختياري للمكلف ، فلا يصح ان يأمر المولى ابتداء ويقول لعبده ان دخلت الدار فاجمع بين الضدين أو النقيضين ، مضافا إلى ان الأمر بداعي جعل الداعي ، ومع علم المولى بالمحال تحققه لا يعقل ان يأمر بداعي جعل الداعي اليه.
والحاصل : انه لو صح من المولى الحكيم ان يقول لعبده ان عصيت الأمر بالأهم بسوء اختيارك فأزل وصل لصح منه ان يأمر ـ ابتداء ـ ويقول ان دخلت الدار ـ مثلا ـ فأزل وصل جاعلا كل واحد منهما في عرض الآخر من دون حاجة إلى التعليق على العصيان بنحو الترتب ، ومن الواضح محاليته ولذا قال : «وإلّا لصح فيما علق امر اختياري في عرض واحد» : اي ولو صح الامر بالضدين بنحو الترتب لكونه بسوء الاختيار فيصح الطلب للمحال معلقا على سوء اختيار المكلف ويكون طلب المحال لا بسوء اختيار المكلف محالا ، وطلبه بسوء اختياره لا محالية فيه ـ لجاز وصح من المولى ابتداء ان يأمر بالضدين في عرض واحد ويعلق امره بهما على شيء اختياري وهذا لا يصح قطعا فلا يصح الجمع على نحو الترتب.