إن قلت : فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك ، فإن الطلب في كل منهما في الاول يطارد الآخر ، بخلافه في الثاني ، فإن الطلب بغير الاهم لا يطارد طلب الاهم ، فإنه يكون على تقدير عدم الاتيان بالاهم ، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه ، وعدم عصيان أمره (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثالث الذي أشار اليه بقوله ان قلت لتصحيح الأمر بالضدين على نحو الترتب ، ومبنى هذا الوجه ليس التاخر بالمرتبة كما مر في الوجه الاول ، وانما حاصله : ان المانع من الأمر بالضدين في عرض واحد هو كون كل منهما يطرد الآخر ويقتضي ان يشغل المحل هو دون الضد الآخر ، والأمر بالضدين على نحو الترتب لا مطاردة بينهما كذلك ، لأن الأهم لا يطرد المهم ، لانه في مورد امتثاله لا تحقق للمهم حتى يطرده الأهم لانه منوط بعصيانه ، امّا في حال اطاعته وامتثاله والاتيان به لا تحقق للامر بالمهم ، وطلب المهم أيضا لا يطرد الأهم لأن مورده حال عدم الإتيان بالأهم وعصيانه ، والأهم في حال عصيانه وعدم الإتيان به لا اطلاق له ، اذ لا يعقل ان يشمل اطلاق الامر بالأهم مورد عصيانه وعدم الاتيان به ، وإذا كان لا مطاردة بينهما فلا مانع من اجتماعهما ، والى ما ذكرنا أشار بقوله : «فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك» : أي على نحو الترتب «فإن الطلب في كل منهما في الاول» : أي اجتماعهما في عرض واحد «يطارد الآخر» فإن لازم اجتماعهما في عرض واحد ان يكون كل واحد منهما يقتضي ويطلب ان يطرد الآخر ويشغل المحل دونه «بخلافه في الثاني» وهو الاجتماع على نحو الترتب «فإن الطلب بغير الأهم» : أي بالمهم «لا يطارد طلب الأهم».
ذكر عدم مطاردة المهم للاهم وسيشير إلى انه في مورد الاتيان بالأهم لا تحقق للامر بالمهم حتى يطرده الأهم.