ثم لا يخفى أنه بناء على إمكان الترتب وصحته ، لا بد من الالتزام بوقوعه ، من دون انتظار دليل آخر عليه ، وذلك لوضوح أن المزاحمة على صحة الترتب لا تقتضي عقلا إلا امتناع الاجتماع في عرض واحد ، لا كذلك ، فلو قيل بلزوم الامر في صحة العبادة ولم يكن في الملاك كفاية ، كانت العبادة مع ترك الاهم صحيحة لثبوت الامر بها في هذا الحال ، كما إذا لم تكن هناك مضادة (١).
______________________________________________________
(١) توضيحه ان لدليل الصلاة اطلاقا يشمل اتيانها في كل جزء من أجزاء وقتها ، وبعد ابتلائها بالازالة فلا يعقل الامر بهما : بان يكون كل منهما في عرض واحد ، وبناء على عدم امكان الترتب لا بد من تقييد اطلاق دليل الصلاة بغير ما يشمل هذا الفرد من الصلاة المزاحم بالازالة مطلقا سواء أطاع الامر بالازالة أو عصاه.
واما بناء على امكان الترتب فلا بد من تقييدها بمقدار أن لا يكون الامر بها في عرض الازالة وذلك : بان يامر بها مترتبة على عصيان الامر بالازالة ، فالأمر بالصلاة في حال عصيان الازالة متحقق ، لأن تقييد الاطلاق باكثر من مقدار ما ترتفع به المزاحمة تقييد له من غير موجب للتقييد ، ويكون رفع يد عن الحجة بغير الحجة.
فالقول بامكان الترتب يلازمه وجود الامر بالصلاة على ذلك النحو ، فاذا قلنا بان الامر العبادي ينحصر امتثاله بقصد الامر ولا يتأتى بقصد المحبوبية وملاكها فلا بد من قصد امتثال الامر الموجود بالصلاة في اتيانها عبادة ، وعلى الترتب الأمر بها موجود لأن المزاحمة لم توجب سقوطه مطلقا سواء أطاع الامر بالازالة أو عصاه ، بل انما اوجبت تقييده بعصيان الازالة ، فيقصد امتثال الامر بالصلاة في حال عصيان الازالة وتصح الصلاة وتقع متقربا بها كما لو لم تكن مبتلاة بالازالة.
قوله : «لا كذلك» : أي لا على الترتب فإن الصلاة إذا زوحمت بالازالة فلا يصح الامر بها في عرض الازالة قطعا ، واما الأمر بها معلقة على عصيان الازالة فإن قلنا بصحة الترتب يصح الامر بها كذلك ، وان قلنا بعدم صحة الترتب فيسقط