.................................................................................................
______________________________________________________
غنى وكفاية» فإن الأوامر الامتحانية واقعة في الشرع كأمر ابراهيم بذبح اسماعيل ، ووقوعها في العرف واقع بالوجدان.
ولا اشكال انه في الأوامر الامتحانية انشاء للطلب وهو انشاء لا يتخطى مرتبة الانشاء ، لأن الغرض منها لا يتعلق بالفعل المتعلق للامر بل في كون المكلف في صدد الانقياد والاطاعة ، فاذا خطر للمكلف الاطاعة حصل الغرض من الامر الامتحاني.
وبعبارة اخرى : ان الانشاء ان كان بداعي البعث والتحريك إلى ايجاد الفعل خارجا فهو الذي يبلغ درجة الفعلية وهو الذي يكون طلبه بداعي الجد ، والطلب الذي لا يبلغ مرتبة البعث والتحريك لإيجاد الفعل خارجا فهو الطلب الصورى الباقي في حد انشائيته.
ومما ذكرنا يتضح : ان العبد إذا كان لا ينكشف للمولى كونه داخلا تحت رسم العبودية الّا بان يفعل المأمور به ، كما في المولى العرفي بالنسبة إلى عبده حيث انه لا يعلم ما في نفس عبده ، فربما لا ينكشف ذلك له الّا بأن يفعل العبد ما أمر به ، فأمر مثل هذا بالفعل ليس امرا امتحانيا بل امر حقيقي بداعي الجد. غاية الأمر ان الغرض المتعلق بايجاد الفعل خارجا هو ان يكون كاشفا عن كون العبد داخلا فيما ينبغي له من رسم العبودية ، ولا يلزم ان يكون الغرض المترتب على الفعل الخارجي امرا خارجيا أيضا كأمر المولى عبده بان يشرب المائع الخاص لأجل نفعه لمزاج العبد.
وعلى كل فانشاء الطلب لا يتوقف ولا ينحصر بان يكون الداعي لإنشائه هو البعث الجدي إلى ايجاد الفعل كما عرفت ـ فيما تقدم ـ من مباحث الامر ان الانشاء قد يكون بداعي الجد إلى ايجاد متعلق الامر ، وقد يكون بداعي الامتحان ، وقد يكون بداعي الترجي كانشاء العاشق طلب زيارة محبوبه مترجيا منه ذلك ، ولذا قال (قدسسره) : «قد عرفت سابقا ان داعي انشاء الطلب لا ينحصر بالبعث» إلى آخر كلامه ، وقوله : «وغير ذلك» هو غير داعي الامتحان من الترجي والتمني وغيرها من الدواعي التي مر ذكرها في مبحث الامر.