.................................................................................................
______________________________________________________
فانه إذا كان اللزوم بينا بالمعنى الاخص لا بد من ان يكون اللفظ الدال على وجوب شيء يدل على وجوب مقدمته ، لفرض كون اللزوم بينهما من البين بالمعنى الاخص.
وقد عرفت ان المدعى للملازمة لا يدعي بلوغها لهذا الحد.
وقد عرفت ـ أيضا ـ انه من البعيد جدا دعوى الملازمة العرفية دون الواقعية الذاتية ، فلا يضر مدعي الملازمة تسليم عدم دلالة اللفظ الدال على وجوب ذي المقدمة على وجوب المقدمة ، لأن الملازمة بينهما ليست عرفية ولا لزوم بينهما بالمعنى الاخص ، بل لزومها من البين مطلقا أو بالمعنى الاعم ، وهذا يكفي في استلزام وجوب الشيء لوجوب مقدمته ، وهو غير مدلول عليه باللفظ ، بل الدال عليه البرهان أو الوجدان بعد التأمل والالتفات.
فاتضح : أن النزاع في الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته نزاع في مرحلة الثبوت والواقع ، وان العقل والبرهان أو الوجدان هل يثبت هذه الملازمة ، أو انه لا ملازمة في مرحلة الواقع بينهما فلا يثبتها برهان أو وجدان ، واذا كان النزاع في مرحلة الثبوت والواقع فان من اعترف بمرحلة الثبوت يقول بوجوب مقدمة الواجب وان لم يدل دليل لفظي على وجوب المقدمة ، ومن نفى الملازمة في مرحلة الثبوت والواقع فلا يعقل ان يدل دليل وجوب شيء على وجوب مقدمته لوضوح عدم مجال للمطابقة والتضمن ، وانما يحتمل الالتزام ، وحيث لا لزوم واقعي فلا يعقل الدلالة الالتزامية في مثل المقام لبعد دعوى الملازمة العرفية.
فاتضح من جميع ما ذكرناه : انه لا مجال لتحرير النزاع في مقام الاثبات والدلالة كما يظهر من (صاحب المعالم) لانه :
اولا : ان مقام الاثبات فرع مقام الثبوت ، فاذا كان الكلام في اصل الملازمة في مقام الثبوت فلا تصل النوبة إلى مقام الاثبات والدلالة ، لانها انما تكون بعد فرض انه هناك ملازمة واقعا يتأتى الكلام في ان : هل لهذه الملازمة الثابتة واقعا دليل في مقام الاثبات؟