والحل : إن المقدمة هي نفس الاجزاء بالاسر ، وذو المقدمة هو الاجزاء بشرط الاجتماع ، فيحصل المغايرة بينهما ، وبذلك ظهر أنه لا بد
______________________________________________________
وقد عرفت ان المقدمة الداخلية منحصرة فيما يتقوم منها ماهية ذي المقدمة واجزائه التي يتالف منها ، ولا إشكال ـ أيضا ـ ان الوجوب النفسي الذي هو وجوب ذي المقدمة معروضة نفس ذي المقدمة ، وذو المقدمة ليس هو الّا الماهية التي يتالف منها ذو المقدمة ، وأجزاء الماهية التي يتالف منها ماهية ذي المقدمة هي نفس ذي المقدمة ، إذ ليست الماهية المركبة الّا نفس الأجزاء التي تتركب منها الماهية ، فاذا كانت الماهية المركبة التي هي الواجبة بالوجوب النفسي وهي نفس الأجزاء التي تتألف ـ فالأجزاء التي تتألف منها هي الواجبة بالوجوب النفسي. فكيف ان يعقل ان تكون نفس هذه الأجزاء مقدمة ، ولها وجوب غير الوجوب النفسي وهو الوجوب الغيري؟
ثم لا يخفى ان وجوب المقدمة وان كان مترشحا من وجوب ذيها ومتاخرا عنه ، إلّا ان نفس ذات المقدمة لها السبق على ذيها ، لأن وجود ذي المقدمة يتوقف عليها ، فلا بد من سبقها عليه ، واذا كانت الأجزاء هي نفس ذي المقدمة فلا يعقل ان يكون لها السبق عليه ، لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.
وقد عرفت انه لا بد من سبق المقدمة على ذي المقدمة ، وقد أشار إلى ما ذكرناه بقوله : «ربما يشكل في كون الأجزاء مقدمة له» : أي مقدمة للواجب «وسابقة عليه بان المركب ليس إلّا نفس الأجزاء باسرها» فلا يعقل ان تكون نفس الأجزاء باسرها مقدمة ، لأنها نفس المركب الذي هو ذو المقدمة ، ولا يعقل ان يكون الشيء مقدمة لنفسه ، ولا يعقل ـ أيضا ـ سبق الأجزاء باسرها على المركب ، التي هي نفس المركب لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.