.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصله : ان الفرق بين الانشاء والاخبار هو قصد الحكاية ، فإن الاخبار هو استعمال اللفظ في المعنى بقصد الحكاية عن مطابقه ، والانشاء هو استعمال اللفظ في المعنى من دون قصد الحكاية ، وحينئذ فكما يمكن ان يكون المعنى في الجملة الخبرية غير حاصل بالفعل بل يحصل في المستقبل على تقدير حصول الشيء ، كذلك لا بد انه يمكن ان يكون المنشأ بالجملة الانشائية امرا غير حاصل بالفعل بل يحصل في المستقبل على تقدير حصول شيء ، فكما يمكن ان يقال انه يحصل اكرام زيد غدا حين يتحقق مجيئه كذلك يمكن ان يقال : اكرم زيدا ان جاء غدا لما عرفت من انه لا فرق بين الانشاء والاخبار فيما عدا قصد الحكاية.
وبعبارة اخرى : انه كما يمكن ان يكون المخبر به في الجملة الخبرية شيئا معلقا على حصول شيء كذلك يمكن ان يكون المنشأ بالجملة الانشائية شيئا معلقا على حصول شيء.
ويحتمل ان يكون هذا جوابا عن إشكال مقدر ، وحاصله : ان تقييد المنشأ لازمه تقييد الانشاء ، لأن اللفظ قالب المعنى واللفظ هو وجود المعنى تنزيلا ، فاذا كان المنشأ مقيدا فلازمه كون الانشاء مقيدا وتقييد الانشاء غير معقول ، إذ لو كان الانشاء مقيدا لما حصل والمفروض انه قد حصل ، وبعد حصوله كيف يمكن ان يكون المنشأ الحاصل به مقيدا والانشاء غير مقيد؟
فأجاب عنه : بانه كما ان الانشاء ايجاد للمعنى الذي هو المنشأ كذلك الاخبار ـ أيضا ـ ايجاد للمعنى الذي هو المخبر به ، ولا اشكال في انه يمكن أن يكون المخبر به شيئا معلقا حصوله على حصول شيء فكذلك الانشاء يمكن ان يكون المنشأ شيئا معلقا حصوله على شيء ، فاذا كان الاخبار عن مخبر به معلقا حصوله على شيء بمكان من الإمكان ، فكذلك الانشاء يمكن ان يكون المنشأ به معلقا حصوله على حصول شيء وهو كالاخبار بمكان من الامكان ـ أيضا ـ هذا ولكن الظاهر ان مراده النقض كما ذكرناه اولا ، لأن هذا الاشكال يرجع إلى اشكال التفكيك عند التأمل.