وأما بناء على تبعيتها للمصالح والمفاسد في المأمور به ، والمنهي عنه فكذلك ، ضرورة أن التبعية كذلك ، إنما تكون في الاحكام الواقعية بما
______________________________________________________
ثم لا يخفى انه يمكن ان يقال : ان هذا الجواب من المصنف لا يتم على ما سلكه في الشرط المتأخر من ارجاع ما يتعلق بالحكم من الشروط التي ظاهرها انها شرط بوجودها الخارجي إلى كونها شروطا بوجودها الذهني ، فانه عليه لا بد وان يكون الواجب المشروط واجبا فعليا لا مشروطا ، لأن الشرط بوجوده الذهني حاصل بالفعل.
فانا نقول : أوّلا ، انه لم يظهر من المصنف وجوب رجوع كل شرط خارجي إلى كونه شرطا بوجوده الذهني ، بل الذي ظهر منه هو تصحيح الشرط المتأخر بارجاعه إلى كونه شرطا بوجوده الذهني ، بل حيث كان الدليل قد دلّ على ان هذا الشرط المتأخر ـ مع كونه متأخرا ـ شرط فلا بد وان يرجع إلى كونه شرطا بوجوده الذهني لاستحالة تأثير المعدوم في الموجود ، وأما إمكان أن يكون الشيء بوجوده الخارجي شرطا للوجوب فلا امتناع فيه ولا يلزم فيه تأثير المعدوم في الموجود.
وثانيا : ان الشرط في الحكم وان رجع إلى الوجود الذهني ، إلّا انه تارة يكون الوجود الذهني مشروطا : بان يكون منطبقا على الوجود الخارجي بالفعل : بان يكون مطابق هذا الوجود الذهني حاصلا بالفعل ، واخرى لا يشترط ذلك : بان يكون وجوده ذهنا هو الشرط ولو بان يكون مطابقه يحصل بعد ذلك.
وبعبارة اخرى : انه إذا كان الطلب مطلقا وفعليا وكان له شرط بوجوده الخارجي متأخر فيستكشف انه كان بوجوده الذهني شرطا للحكم من دون اشتراط ان يكون مطابقه الخارجي حاصلا بالفعل ، ولا يلزم ان يكون كلما كان للحكم شرط مستقبل التحقق كان ذلك الحكم فعليا ، بل يجوز ان ينشأ معلقا على تحقق ذلك المطابق في الخارج.