المكلّف ، بحيث لو لم يأت بذلك الشيء المعيّن لاستحقّ العقاب ، بل الإجماع على أنّ ترك الأمرين معا سبب لاستحقاق العقاب ، فيجب أن لا يتركهما.
والحاصل : أنّه إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شيء معيّن مثلا معلوم عندنا ، أو ثبوت حكم إلى غاية معيّنة عندنا ، فلا بدّ من الحكم بلزوم تحصيل اليقين أو الظن بوجود ذلك الشيء المعلوم حتّى يتحقق الامتثال ، ولا يكفي الشكّ في وجوده. وكذا يلزم الحكم ببقاء ذلك الحكم إلى أن يحصل العلم أو الظنّ بوجود تلك الغاية
______________________________________________________
يعلم أنّ الشارع قد جعل للحكم غاية ، وتردّدت في أنظارنا بين أمرين أو امور. وعلى الثاني إمّا أن يثبت دليل من الخارج على كون الحكم مغيّا بالغاية الواقعيّة من دون اشتراطه بشيء من العلم وغيره ، وإمّا أن لا يثبت ذلك ، بأن قام الدليل على حرمة ترك الامور المردّدة في أنظارنا ، لا على وجوب تحصيل نفس الواقع.
وإذا عرفت هذا نقول : إنّ السائل قد توهّم كون مسألة الاستنجاء من قبيل القسم الثاني من أقسام الشكّ في الغاية. وحاصل ما أجاب به عنه المحقّق الخوانساري هو دعوى كونها من قبيل القسم الثالث للشكّ في الغائيّة المستقلّة.
وبقي في المقام شيء ، وهو أنّ صريح المحقّق المذكور في الجواب عمّا أورده على نفسه ثانيا ، هو عدم جريان الاستصحاب فيما كان الشكّ فيه في الغائيّة المستقلّة ، وصريح ما ذكره في ذيل قوله : «والحاصل أنّه إذا ورد نصّ أو إجماع ...» هو جريانه في القسم الثاني من الأقسام المتقدّمة للشكّ في الغائيّة المستقلّة ، وهو تناقض واضح.
هذا ويمكن دفعه بأنّ مقصوده من تسليم جريان الاستصحاب في القسم الثاني إنّما هو فيما فرض ثبوت التكليف بالواقع ، من دون اشتراطه بشيء مع اشتباهه في أنظارنا ، ولكنّ الظاهر أنّه يدّعي عدم وقوع مثل ذلك في الشرعيّات ، فكأنّه قال : إنّ التمسّك بالاستصحاب في مثل ذلك على تقدير وقوعه وإن كان صحيحا ، إلّا أنّ كلّ مورد من موارد الشكّ في الغائيّة المستقلة يدّعى فيه ذلك يمكن منعه فيه ، كما فيما نحن فيه من مسألة الاستنجاء بالأحجار.