واجفة واستقراره وأقدام الأبطال راجفة ونجدته عند انخلاع القلوب من الصدر وبسالته (١) ورحى الحرب تدور والدماء تفور ونجوم الأسنة تطلع وتغور وحماسته والموت قد كسر عن نابه وسماحته بنفسه والجبان قد انقلب على أعقابه وكشفه الكرب عن وجه رسول الله صلی الله علیه وسلم وقد فر من فر من أصحابه وبذله روحه العزيزة رجاء ما أعد الله من ثوابه فهي أمر قد اشتهر وحال قد بان وظهر وشاع فعرفه من بقي ومن غبر وتضمنته الأخبار والسير فاستوى في العلم به البعيد والقريب واتفق على الإقرار به البغيض والحبيب وصدق به عند ذكره الأجنبي والنسيب فارس الإسلام وأسده وباني ركن الإيمان ومشيده طلاع الأنجد والأغوار مفرق جموع الكفار حاصد خضرائهم بذي الفقار ومخرجهم من ديارهم إلى المفاوز والقفار مضيف الطير والسباع يوم الملحمة والقراع سيف الله الماضي ونائبه المتقاضي وآيته الواضحة وبينته اللائحة وحجته الصادعة ورحمته الجامعة ونعمته الواسعة ونقمته الوازعة قد شهدت بدر بمقامه وكانت حنين من بعض أيامه وسل أحدا عن فعل قناته وحسامه ويوم خيبر إذ فتح الله على يديه والخندق إذ خر عمرو لفمه ويديه وهذه جمل لها تفصيل وبيان ومقامات رضي بها الرحمن ومواطن هدت الشرك وزلزلته وحملته على حكم الصغار وأنزلته ومواقف كان فيها جبرئيل يساعده وميكائيل يوازره ويعاضده والله يمده بعناياته والرسول يتبعه بصالح دعواته وقلب الإسلام يرجف عليه وأمداد التأييد تصل إليه.
نَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ره عَنْ هُبَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَقَدْ فَارَقَكُمْ رَجُلٌ بِالْأَمْسِ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْآخَرُونَ بِعَمَلٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَبْعَثُهُ بِالرَّايَةِ ـ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ : وَمِنْ حَدِيثٍ آخَرَ مِنَ الْمُسْنَدِ بِمَعْنَاهُ وَفِي آخِرِهِ وَمَا تَرَكَ مِنْ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَطَائِهِ كَانَ يَرْصُدُهَا لِخَادِمٍ لِأَهْلِهِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمُسْنَدِ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِمَعْنَاهُ
________________
(١) البسالة : الشجاعة.