وَنَقَلَ الْوَاحِدِيُ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (١) أَنَّ مَوْلَاةً لِعَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ قَدِمَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللهِ يَتَجَهَّزُ لِقَصْدِ فَتْحِ مَكَّةَ فَلَمَّا حَضَرَتْ عِنْدَهُ قَالَ أَجِئْتِ مُسْلِمَةً قَالَتْ لَا قَالَ فَمَا جَاءَ بِكِ قَالَتْ أَنْتُمُ الْأَهْلُ وَالْعَشِيرَةُ وَالْمَوَالِي وَقَدِ احْتَجْتُ حَاجَةً عَظِيمَةً فَحَثَّ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم عَلَى صِلَتِهَا وَكِسْوَتِهَا فَأَعْطَوْهَا وَكَسَوْهَا وَانْصَرَفَتْ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ قَدْ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُحَذِّرُهُمْ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَّهُ دَفَعَ الْكِتَابَ إِلَى الْمَذْكُورَةِ وَأَعْطَاهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِتُوصِلَ الْكِتَابَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَاخْتَارَ عَلِيّاً وَبَعَثَ مَعَهُ الزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ وَقَالَ انْطَلِقُوا إِلَى رَوْضَةِ خَاخٍ (٢) فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَخُذُوهُ مِنْهَا وَخَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ إِلَيْكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهَا فَخَرَجُوا وَأَدْرَكُوهَا فِي الْمَكَانِ فَطَلَبُوا الْكِتَابَ فَأَنْكَرَتْهُ وَحَلَفَتْ فَفَتَّشُوا مَتَاعَهَا فَلَمْ يَجِدُوا كِتَاباً فَهَمُّوا بِتَرْكِهَا وَالرُّجُوعِ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَاللهِ مَا كُذِبْنَا وَسَلَّ سَيْفَهُ وَجَزَمَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَخْرِجِي الْكِتَابَ وَإِلَّا جَرَّدْتُكِ وَضَرَبْتُ عُنُقَكِ وَصَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَخْرَجَتْهُ مِنْ ذُؤَابَتِهَا فَأَخَذَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهَا وَعَادُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَاسْتَخْرَجَهُ عَلِيٌّ بِقُوَّةِ عَزْمِهِ وَتَصْمِيمِ إِقْدَامِهِ وَجَزْمِهِ.
وَنَقَلَ الْوَاحِدِيُّ فِي كِتَابِهِ هَذَا أَنَّ عَلِيّاً وَالْعَبَّاسَ وَطَلْحَةَ بْنَ شَيْبَةَ افْتَخَرُوا فَقَالَ طَلْحَةُ أَنَا صَاحِبُ الْبَيْتِ بِيَدِي مِفْتَاحُهُ وَقَالَ الْعَبَّاسُ أَنَا صَاحِبُ السِّقَايَةِ وَالْقَائِمُ عَلَيْهَا وَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ لَقَدْ صَلَّيْتُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ النَّاسِ وَأَنَا صَاحِبُ الْجِهَادِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) إِلَى أَنْ
________________
(١) الممتحنة : ١.
(٢) موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة.