وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ ذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) إِلَى آخِرِ سِتِّينَ آيَةً وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ وَدَارَتْ رَحَاهَا وَاضْطَرَبَ الْمُسْلِمُونَ وَاسْتُشْهِدَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقُتِلَ مِنْ مُقَاتِلَةِ الْمُشْرِكِينَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَتِيلاً.
نَقَلَ أَرْبَابُ الْمَغَازِي أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ مِنْهُمْ سَبْعَةً طَلْحَةَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدَ اللهِ بْنَ جَمِيلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَأَبَا الْحَكَمِ بْنَ الْأَخْنَسِ وَأَبَا سِبَاعِ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى وَأَبَا أُمَيَّةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ علیهما السلام قَتَلَهُمْ وَأَبَا سَعْدٍ طَلْحَةَ بْنَ طَلْحَةَ وَغُلَاماً حَبَشِيّاً لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ قِيلَ اسْتَقَلَّ بِقَتْلِهِمَا وَقِيلَ قَتَلَهُمَا غَيْرُهُ وَعَادَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ طَالِبِينَ مَكَّةَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ فَدَفَعَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ إِلَى فَاطِمَةَ علیهما السلام فَقَالَ اغْسِلِي عَنْ هَذَا دَمَهُ يَا بُنَيَّةِ فَوَ اللهِ لَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ وَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ سَيْفَهُ وَقَالَ لَهَا كَذَلِكِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إِنَّهُ لَمَّا فَرَّ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ مَا زَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم شِبْراً وَاحِداً يَرْمِي مَرَّةً عَنْ قَوْسِهِ وَمَرَّةً بِالْحِجَارَةِ وَصَبَرَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً سَبْعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَزُبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَمِنَ الْأَنْصَارِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو دُجَانَةَ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَيُقَالُ ثَبَتَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ فَيَجْعَلُونَهُمَا مَكَانَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَبَايَعَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ عَلَى الْمَوْتِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَخَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلِيٌّ علیهما السلام وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَأَبُو دُجَانَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ قَالَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ تَحْتِي امْرَأَةً شَابَّةً جَمِيلَةً أُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقْذَرَ مَكَانَ عَيْنِي فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَرَدَّهَا فَأَبْصَرْتُ وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ لَمْ