الْأَعْلَى وَأَحُوطُهُ بِالْيَدِ الْعُلْيَا وَالْكَفِّ الَّتِي لَا تُرَى (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) وَحِجَابُ اللهِ دُونَ عَادِيَتِهِمْ لَا يَطُورُهُ وَلَا يَضُرُّهُ فِي مَقْعَدٍ وَلَا مَقَامٍ وَلَا مَسِيرٍ وَلَا مَنَامٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَ الْأَيَّامِ.
وَارْتَجَسَ إِيْوَانُ كِسْرَى يَوْمَ وِلَادَتِهِ الرَّجْسُ بِالْفَتْحِ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ مِنَ الرَّعْدِ وَمِنْ هَدِيرِ الْبَعِيرِ وَرُجَّتِ السَّمَاءُ بِالْفَتْحِ تُرَجُّ إِذَا رَعَدَتْ وَتَمَخَّضَتْ وَارْتَجَّتْ مِثْلُهُ وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً (١) وَخَمَدَتْ نِيرَانُ فَارِسَ وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ مُنْذُ أَلْفِ سَنَةٍ وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ (٢) وَرُؤْيَا الْمُؤْبَذَانِ (٣) وَإِنْفَاذُ عَمْرِو بْنِ بُقَيْلَةَ إِلَى شَقٍّ وَسَطِيحٍ الْكَاهِنَيْنِ وَإِخْبَارُهُمَا بِقُرْبِ أَيَّامِهِ لَهُ وَظُهُورِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ قَدْ نَقَلَهَا الرُّوَاةُ وَتَدَاوَلَهَا الْأَخْبَارِيُّونَ وَرَأَى بَعْضُ الْيَهُودِ فِي لَيْلَةِ وِلَادَتِهِ صلی الله علیه وسلم النُّجُومَ وَانْقِضَاضِهَا فَقَالَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وُلِدَ نَبِيٌّ فَإِنَّا نَجِدُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ تُمْنَعُ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَتُرْجَمُ بِالنُّجُومِ لِذَلِكَ وَسَأَلَ هَلْ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِأَحَدٍ فَقِيلَ نَعَمْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ أَرُونِيهِ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِي قِمَاطِهِ فَرَأَى عَيْنَيْهِ وَكَشَفَ عَنْ كَتِفَيْهِ فَرَأَى شَامَةً سَوْدَاءَ وَعَلَيْهَا شَعَرَاتٌ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَتَعَجَّبَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ وَضَحِكُوا فَقَالَ أَتَضْحَكُونَ هَذَا نَبِيُّ السَّيْفِ وَلَيُبِيرَنَّكُمْ بَارَ فُلَانٌ إِذَا هَلَكَ وَأَبَارَهُ اللهُ أَهْلَكَهُ وَقَدْ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الْأَبَدِ فَتَفَرَّقُوا يَتَحَدَّثُونَ بِمَا قَالَ.
وَفِي التَّوْرَاةِ مَا حَكَاهُ لِي بَعْضِ الْيَهُودِ وَرَأَيْتُهُ أَنَا فِي تَوْرَاةٍ مُعَرَّبَةٍ وَقَدْ نَقَلَهُ الرُّوَاةُ أَيْضاً إِسْمَاعِيلُ قَبِلْتُ صَلَاتَهُ وَبَارَكْتُ فِيهِ وَأَنْمَيْتُهُ وَكَثَّرْتُ عَدَدَهُ بِ مادماد مَعْنَاهُ بِمُحَمَّدٍ وَعَدَدُ حُرُوفِهِ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ حَرْفاً سَأُخْرِجُ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مَلِكاً مِنْ نَسْلِهِ وَأُعْطِيهِ قَوْماً كَثِيرَ الْعَدَدِ وَأَوَّلُ هَذَا الْفَصْلِ بِالْعِبْرِيِّ لإشموعيل شمعيثوخو (٤).
________________
(١) الشرفة من القصر : ما اشرف من بناته.
(٢) غاض الماء : نقص اوغار فذهب في الارض.
(٣) المؤبذان «كلمة فارسية» : حاكم المجوس وكاهنهم.
(٤) وفي نسخة «شمعيثخو»