وَثَوَى أَيْمَنُ الْأَمِينُ مِنَ |
|
الْقَوْمِ شَهِيداً فَاعْتَاضَ قُرَّةَ عَيْنٍ (١) |
وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي هَذَا الْمَقَامِ :
نَصَرْنَا رَسُولَ اللهِ فِي الْحَرْبِ تِسْعَةً |
|
وَقَدْ فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ فَاقْشَعُوا (٢) |
وَقَوْلِي إِذَا مَا الْفَضْلُ شَدَّ بِسَيْفِهِ |
|
عَلَى الْقَوْمِ أُخْرَى يَا بَنِيَّ لِيَرْجِعُوا (٣) |
وَعَاشِرُنَا لَاقَى الْحَمَامَ بِنَفْسِهِ |
|
لِمَا نَالَهُ فِي اللهِ لَا يَتَوَجَّعُ (٤) |
يَعْنِي بِهِ أَيْمَنَ ابْنَ أُمِّ أَيْمَنَ وَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم هَزِيمَةَ الْقَوْمِ قَالَ لِلْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلاً جَهْوَرِيّاً صَيِّتاً نَادِ فِي النَّاسِ وَذَكِّرْهُمُ الْعَهْدَ فَنَادَى الْعَبَّاسُ يَا أَهْلَ بِيعَةِ الشَّجَرَةِ يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إِلَى أَيْنَ تَفِرُّونَ اذْكُرُوا الْعَهْدَ الَّذِي عَاهَدَكُمْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَالْقَوْمُ عَلَى وُجُوهِهِمْ قَدْ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَكَانَتْ لَيْلَةٌ ظَلْمَاءُ وَرَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِي الْوَادِي وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ خَرَجُوا عَلَيْهِ مِنْ جَنَبَاتِ الْوَادِي وَشِعَابِهِ وَمَضَايِقِهِ بِسُيُوفِهِمْ وَعُمُدِهِمْ فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ بِبَعْضِ وَجْهِهِ فَأَضَاءَ كَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ نَادَى أَيْنَ مَا عَاهَدْتُمُ اللهَ عَلَيْهِ فَأَسْمَعَ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ فَلَمْ يَسْمَعْهَا رَجُلٌ إِلَّا رَمَى بِنَفْسِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَانْحَدَرُوا إِلَى حَيْثُ كَانُوا مِنَ الْوَادِي حَتَّى لَحِقُوا بِالْعَدُوِّ فَوَاقَعُوهُ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ وَمَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ طَوِيلٍ أَمَامَ الْقَوْمِ إِذَا أَدْرَكَ ظُفُراً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَكَبَّ عَلَيْهِمْ وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَاتَّبَعُوهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ
أَنَا أَبُو جَرْوَلٍ لَا بِرَاحٍ |
|
حَتَّى نُبِيحَ الْقَوْمَ أَوْ نُبَاحَ |
فَصَمَدَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَضَرَبَ عَجُزَ بَعِيرِهِ فَصَرَعَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَطَرَهُ.
يُقَالُ قَطَرَهُ أَيْ أَلْقَاهُ عَلَى أَحَدِ قُطْرَيْهِ أَيْ جَانِبَيْهِ.
________________
(١) ثوى بالمكان : أقام. واعتاض : أخذ العوض.
(٢) اقشع القوم عن المكان : أقلعوا.
(٣) أي اضرب ضربة أخرى ليرجع القوم على أدبارهم.
(٤) الحمام : الموت.