ثُمَّ قَالَ
قَدْ عَلِمَ الْقَوْمُ لَدَى الصَّبَاحِ |
|
أَنِّي فِي الْهَيْجَاءِ ذُو نَضَاحٍ (١) |
فَكَانَتْ هَزِيمَةُ الْمُشْرِكِينَ بِقَتْلِ أَبِي جَرْوَلٍ لَعَنَهُ اللهُ ثُمَّ الْتَأَمَ الْمُسْلِمُونَ وَصَفُّوا لِلْعَدُوِّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم اللهُمَّ إِنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَ قُرَيْشٍ نَكَالاً فَأَذِقْ آخِرَهُمْ وَبَالاً وَتَجَالَدُوا فَقَامَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فِي رَكَائِبِهِ فَقَالَ الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ.
الْوَطِيسُ التَّنُّورُ وَاسْتُعِيرَ لِلْحَرْبِ إِذَا اشْتَدَّتْ وَيُقَالُ إِنَّهَا لَمْ تُسْمَعْ إِلَّا مِنْهُ ع.
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ |
|
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ |
فَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ وَلَّى الْقَوْمُ أَدْبَارَهُمْ وَجِيءَ بِالْأُسَرَى مُكَتِّفِينَ وَلَمَّا قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبَا جَرْوَلٍ وَوَضَعَ الْمُسْلِمُونَ سُيُوفَهُمْ فِيهِمْ قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً ثُمَّ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ وَالْأَسْرُ حِينَئِذٍ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الَّذِي عَانَهُمْ وَعَلِيٌّ علیهما السلام الَّذِي أَعَانَهُمْ وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ فِي جُمْلَةِ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
فَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَقِيتُ أَبِي مُنْهَزِماً مَعَ بَنِي أَبِيهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَصِحْتُ بِهِ يَا ابْنَ حَرْبٍ وَاللهِ مَا صَبَرْتَ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ وَلَا قَاتَلْتَ عَنْ دِينِكَ وَلَا كَفَفْتَ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابَ عَنْ حَرِيمِكَ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ مُعَاوِيَةُ قَالَ ابْنُ هِنْدٍ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ بِأَبِي وَأُمِّي ثُمَّ وَقَفَ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَانْضَمَمْتُ إِلَيْهِمْ وَحَمَلْنَا عَلَى الْقَوْمِ فَضَعْضَعْنَاهُمْ وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ.
وَفِي هَذِهِ الْغَزَاةِ قَسَمَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم الْغَنَائِمَ وَأَجْزَلَ الْقِسْمَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ كَأَبِي سُفْيَانَ وَمُعَاوِيَةَ ابْنِهِ وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَرِجَالٍ مِنْهُمْ وَأَعْطَى الْأَنْصَارَ شَيْئاً يَسِيراً فَغَضِبَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَلَغَهُ عَنْهُمْ مَقَالٌ فَأَسْخَطَهُ فَجَمَعَهُمْ وَقَالَ اجْلِسُوا وَلَا يَجْلِسُ
________________
(١) نضح القوم بالنبل : رماهم بها وفرقها فيهم. وجاء النضاح بمنى الدفع والذب أيضا وأنشد «ولو بلا في محفل نضاحى» أي ذبى ونضحى عنه لكنه يتعدى بلفظة «عن» غالبا.