إِذَا لَمْ يَكُنِ الْعَدْلُ عِنْدِي فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ أَلَا نَقْتُلُهُ فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ أَتْبَاعٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُهُمُ اللهُ عَلَى يَدَيْ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِي فَقَتَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ قَتَلَ مِنَ الْخَوَارِجِ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ.
فانظر إلى مفاخر أمير المؤمنين في هذه الغزاة ومناقبه وجل بفكرك في بدائع فضله وعجائبه واحكم فيها برأي صحيح الرأي صائبه واعجب من ثباته حين فر الشجاع على أعقابه ولم ينظر في الأمر وعواقبه واعلم أنه أحق بالصحبة حين لم ير مفارقة صاحبه وتيقن أنه إذا حم الحمام لم ينتفع المرء بغير أهله وأقاربه فإذا صح ذلك عندك بدلائله وبيناته وعرفته بشواهده وعلاماته فاقطع أن ثبات من ثبت من نتائج ثباته وأنهم كانوا أتباعا له في حروبه ومقاماته وأن رجوع من رجع من هزيمته فإنما كان عند ما بان لهم من النصر وأماراته وقتله ذلك الطاغية في أربعين من حماته حتى أذن الله بتفرقة ذلك الجمع وشتاته واقتسم المسلمون ما أفاءه الله عليهم من غنائم ذلك الجيش اللهام وإصلاحه أمر العباس حين فهم عن رسول الله فحوى الكلام ورده بلطف توصله إلى الرضا بقسم النبي صلی الله علیه وسلم فصح له باتباع رأيه الثبات على الإسلام ثم كلام ذلك الشقي الذي اعترض على قسمة النبي ونطق الشيطان على لسانه فسام نفسه في المرعى الوبيل الوبي وحكم الرسول صلی الله علیه وسلم أنه من جرز سيف الوصي ونبه بذلك على فضله وأنه على الصراط السوي وأنه على الحق والحق معه إخبارا من الله العلي.
وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا وَأَنْفَذَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَيْلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَطَأَ مَا وَجَدَ وَيَكْسِرُ كُلَّ صَنَمٍ وَجَدَهُ فَسَارَ وَلَقِيَتْهُ خَيْلٌ مِنْ خَثْعَمٍ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ وَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمُ اسْمُهُ شِهَابٌ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ فَقَالَ صلی الله علیه وسلم :
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقّاً |
|
أَنْ يَرْوِيَ الصَّعْدَةَ أَوْ تَنْدَقَّا (١) |
________________
(١) وفي بعض الكتب «ان يخضب الصعدة أو تندقا» الصعدة : القناة المستوية المستقيمة.