يَسْأَلُونَكَ عَنَّا فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَكْذَبَ فَكَانَ إِذَا سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَنْتَ قَالَ أَنَا بَاغٍ فَإِذَا قِيلَ مَنِ الَّذِي مَعَكَ قَالَ هَادٍ يَهْدِينِي الجدب ضد الخصب والقاع المستوي من الأرض وكذلك الصفصف والجمع أقوع وأقواع قيعان صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها والأنشوطة عقدة يسهل انحلالها يقال نشطت الحبل أنشطها أنشطه نشطا عقدته أنشوطة وأنشطته أحللته يقال كأنما نشط من عقال والباغي الذي ينشد الضالة أي يطلبها وهو صلی الله علیه وسلم الهادي يهدي إلى طرق الرشاد وسبل الخيرات.
ومنها حَدِيثُ الْغَارِ وَكَانَ قَرِيباً مِنْ مَكَّةَ كَانَ يَعْتَوِرُهُ النَّاسُ وَيَأْوِي إِلَيْهِ الرِّعَاءُ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَأَعْمَاهُمُ اللهُ عَنْهُ وَحُمَّى نَبِيَّهُ مِنْ كَيْدِهِمْ وَمَكْرِهِمْ وَهُمْ دُهَاةُ الْعَرَبِ وَأَصْحَابُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَالْعَارِفُونَ بِسُبُلِهَا وَمَخَارِمِهَا كَمَا قِيلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَعْرَفُ بِشِعَابِهَا
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ
حَتَّى إِذَا قَصَدُوا لُبَابَ مَغَارِهِ |
|
أَلْفَوْا عَلَيْهِ مِثْلَ نَسْجِ الْعَنْكَبِ (١) |
صَنْعَ الْإِلَهِ لَهُمْ فَقَالَ فَرِيقُهُمْ |
|
مَا فِي الْمَغَارِ لِطَالِبٍ مِنْ مَطْلَبٍ |
مِيلُوا وَصَدَّهُمُ الْمَلِيكُ وَمَنْ يُرِدْ |
|
عَنْهُ الدِّفَاعَ مَلِيكُهُ لَمْ يَعْطَبْ |
[يَعْتَوِرُهُ النَّاسُ يَقْصِدُونَهُ وَيَتَدَاوَلُونَهُ وَالرِّعَاءُ جَمْعُ رَاعٍ وَالسُّبُلُ الطُّرُقُ وَالْمَخَارِمُ جَمْعُ مَخْرِمٍ بِكِسْرِ الرَّاءِ فَهُوَ مُنْقَطِعُ أَنْفِ الْجَبَلِ وَهِيَ أَفْوَاهُ الْفِجَاجِ وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَالشِّعَابُ جَمْعُ شِعْبٍ وَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ وَالْعَنْكَبُ الْعَنْكَبُوتُ].
وَبَعَثَ اللهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَمِ الْغَارِ وَأَقْبَلَ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ بِعِصِيِّهِمْ وَسُيُوفِهِمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنْهُ بِمِقْدَارِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً تَعَجَّلَ رَجُلٌ لِيَنْظُرَ فِي الْغَارِ فَرَجَعَ فَقَالُوا مَا لَكَ لَا تَنْظُرْ فِي الْغَارِ فَقَالَ رَأَيْتُ بِفَمِهِ حَمَامَتَيْنِ وَسَمِعَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَا قَالَ فَدَعَا لَهُنَّ.
________________
(١) الغوا : وجدوا.