فَدَفَعْنَا إِلَى الصُّفُوفِ فَوَجَدْنَا الرَّايَاتِ وَالْأَثْقَالَ بِحَالِهَا فَأَخَذَ بِقَفَايَ وَدَفَعَنِي وَقَالَ يَا أَخَا الْأَزْدِ أَتَبِينُ لَكَ الْأَمْرُ قُلْتُ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَشَأْنَكَ بِعَدُوِّكَ فَقَتَلْتُ رَجُلاً ثُمَّ قَتَلْتُ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفْتُ أَنَا وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْرِبُنِي وَأَضْرِبُهُ فَوَقَعْنَا جَمِيعاً فَاحْتَمَلَنِي أَصْحَابِي فَمَا أَفَقْتُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْقَوْمِ وهذا خبر شائع مستفيض قد نقله الجماء الغفير وفيه إخبار بالغيب وإبانة عن علم الضمير ومعرفة بما في النفوس والآية فيه باهرة لا يعادلها إلا ما ساواها في معناها من عظيم المعجز وجليل البرهان.
ومن ذلك حديث ميثم التمار وإخباره إياه بحاله وصلبه وموضعه والنخلة التي يصلب عليها والقصة مشهورة ومن ذلك أَنَّ الْحَجَّاجَ طَلَبَ كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ فَهَرَبَ مِنْهُ فَقَطَعَ عَطَاءَ قَوْمِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ إِنِّي أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ نَفِدَ عُمُرِي فَلَا يَنْبَغِي أَنْ أُحْرَمَ قَوْمِي أَعْطِيَاتِهِمْ فَخَرَجَ إِلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَجِدَ عَلَيْكَ سَبِيلاً فَقَالَ لَهُ كُمَيْلٌ لَا تَصْرِفْ عَلَيَّ أَنْيَابَكَ فَمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي إِلَّا الْقَلِيلُ (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) فَإِنَّ الْمَوْعِدَ لِلَّهِ وَبَعْدَ الْقَتْلِ الْحِسَابَ وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّكَ قَاتِلِي فَضَرَبَ عُنُقَهُ وهذا نقله العامة والخاصة وهو من البراهين الواضحة والمعجزات الباهرة.
ومن ذلك أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ أُحِبُّ أَنْ أُصِيبَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ أَبِي تُرَابٍ فَأَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ بِدَمِهِ فَقِيلَ لَهُ مَا نَعْلَمُ أَحَداً أَطْوَلَ صُحْبَةً لِأَبِي تُرَابٍ مِنْ قَنْبَرٍ مَوْلَاهُ فَطَلَبَهُ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ أَنْتَ قَنْبَرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ اللهُ مَوْلَايَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ وَلِيُّ نِعْمَتِي قَالَ ابْرَأْ مِنْ دِينِهِ قَالَ دُلَّنِي عَلَى دِينٍ أَفْضَلَ مِنْهُ قَالَ إِنِّي قَاتِلُكَ فَاخْتَرْ أَيُّ قِتْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ قَدْ صَيَّرْتُ ذَلِكَ إِلَيْكَ قَالَ لِمَ قَالَ لَا تَقْتُلُنِي قِتْلَةً إِلَّا قَتَلْتُكَ مِثْلَهَا وَلَقَدْ خَبَّرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام أَنَّ مَنِيَّتِي تَكُونُ ذَبْحاً ظُلْماً بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَمَرَ بِهِ فَذُبِحَ وهذا أيضا من الأخبار التي صحت عن أمير المؤمنين ودخلت في باب المعجز القاهر والدليل