الباهر والعلم الذي خص الله به حججه من أنبيائه ورسله وأوصيائه علیهما السلام وهو لاحق بما قدمناه.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ـ يَا بَرَاءُ يُقْتَلُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ علیهما السلام وَأَنْتَ حَيٌّ فَلَا تَنْصُرُهُ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ علیهما السلام قَالَ الْبَرَاءُ صَدَقَ عَلِيٌّ علیهما السلام قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَلَمْ أَنْصُرْهُ وَأَظْهَرَ الْحَسْرَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّدَمَ
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ فِي كَرْبَلَاءَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ نَاحِيَةً مِنْ عَسْكَرِهِ فَنَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً وَاسْتَعْبَرَ بَاكِياً ثُمَّ قَالَ هَذَا وَاللهِ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَمَوْضِعُ مَنِيَّتِهِمْ فَقُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا الْمَوْضِعُ قَالَ هَذِهِ كَرْبَلَاءُ يُقْتَلُ فِيهِ قَوْمٌ (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) ... (بِغَيْرِ حِسابٍ) ثُمَّ سَارَ وَلَمْ يَعْرِفِ النَّاسُ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام مَا كَانَ
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّاسُ أَنَّهُ لَمَّا تَوَجَّهَ علیهما السلام إِلَى صِفِّينَ وَاحْتَاجَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَاءِ فَالْتَمَسُوهُ يَمِيناً وَشِمَالاً فَلَمْ يَجِدُوهُ.
فَعَدَلَ بِهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام عَنِ الْجَادَّةِ قَلِيلاً فَلَاحَ لَهُمْ دَيْرٌ فِي الْبَرِّيَّةِ فَسَارَ وَسَأَلَ مَنْ فِيهِ عَنِ الْمَاءِ فَقَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ فَرْسَخَانِ وَمَا هُنَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يُجْلَبُ لِي مِنْ بُعْدٍ وَأَسْتَعْمِلُهُ عَلَى التَّقْتِيرِ وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمِتُّ عَطْشَاناً فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ اسْمَعُوا مَا يَقُولُ الرَّاهِبُ فَقَالُوا تَأْمُرُنَا أَنْ نَسِيرَ إِلَى حَيْثُ أَوْمَأَ إِلَيْنَا لَعَلَّنَا نُدْرِكُ الْمَاءَ وَبِنَا قُوَّةٌ فَقَالَ علیهما السلام لَا حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى ذَلِكَ وَلَوَّى عُنُقَ بَغْلَتِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ بِقُرْبِ الدَّيْرِ أَنِ اكْشِفُوهُ فَكَشَفُوهُ فَظَهَرَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ تَلْمَعُ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُنَا صَخْرَةٌ لَا تَعْمَلُ فِيهَا الْمَسَاحِي فَقَالَ هَذِهِ الصَّخْرَةُ عَلَى الْمَاءِ فَاجْتَهِدُوا فِي قَلْعِهَا فَإِنْ زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَجَدْتُمُ الْمَاءَ فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ وَرَامُوا تَحْرِيكَهَا فَلَمْ يَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَاسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ لَوَّى رِجْلَهُ عَنْ سَرْجِهِ وَحَسَرَ عَنْ سَاعِدِهِ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ تَحْتَ جَانِبِ الصَّخْرَةِ فَحَرَّكَهَا وَقَلَعَهَا بِيَدِهِ وَدَحَا بِهَا أَذْرُعاً كَثِيرَةً فَظَهَرَ لَهُمُ الْمَاءُ فَبَادَرُوهُ وَشَرِبُوا فَكَانَ أَعْذَبَ مَاءٍ شَرِبُوهُ فِي سَفَرِهِمْ وَأَبْرَدِهِ وَأَصْفَاهُ فَقَالَ تَزَوَّدُوا وَارْتَوُوا فَفَعَلُوا ثُمَّ جَاءَ إِلَى