الصَّخْرَةِ فَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ وَوَضَعَهَا حَيْثُ كَانَتْ وَأَمَرَ أَنْ يُعْفَى أَثَرُهَا بِالتُّرَابِ وَالرَّاهِبُ يَنْظُرُ مِنْ فَوْقِ دَيْرِهِ.
فَنَادَى يَا قَوْمُ أَنْزِلُونِي فَأَنْزَلُوهُ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فَقَالَ يَا هَذَا أَنْتَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ قَالَ لَا قَالَ فَمَلَكٌ مُقَرَّبٌ قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا وَصِيُّ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ قَالَ ابْسُطْ يَدَكَ عَلَى يَدِي أُسْلِمْ عَلَى يَدِكَ فَبَسَطَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَدَهُ وَقَالَ لَهُ اشْهَدِ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللهِ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ فَأَخَذَ عَلَيْهِ شَرَائِطَ الْإِسْلَامِ وَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي دَعَاكَ إِلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ إِقَامَتِكَ عَلَى دِينِكَ طُولَ الْمُدَّةِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى طَلَبِ قَالِعِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَمَخْرَجِ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا وَقَدْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ عَالَمٌ قَبْلِي لَمْ يُدْرِكُوا ذَلِكَ فَرَزَقَنِيهِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
إِنَّا نَجِدُ فِي كُتُبِنَا وَنَأْثِرُ عَلَى عُلَمَائِنَا أَنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَيْناً عَلَيْهَا صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَلِيِّ اللهِ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ آيَتُهُ مَعْرِفَةُ مَكَانِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى قَلْعِهَا وَلَمَّا رَأَيْتُكَ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ تَحَقَّقْتَ مَا كُنَّا نَنْتَظِرُهُ وَبَلَغْتُ الْأُمْنِيَّةَ وَأَنَا الْيَوْمَ مُسْلِمٌ عَلَى يَدِكَ وَمُؤْمِنٌ بِحَقِّكَ وَمَوْلَاكَ فَلَمَّا سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ بَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ مِنَ الدُّمُوعِ وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ أَكُنْ عِنْدَهُ مَنْسِيّاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كُنْتُ فِي كُتُبِهِ مَذْكُوراً ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ اسْمَعُوا مَا يَقُولُ أَخُوكُمُ الْمُسْلِمُ فَسَمِعُوا وَحَمِدُوا اللهَ وَشَكَرُوهُ إِذْ أَلْهَمَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَسَارَ وَالرَّاهِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَاتَلَ مَعَهُ أَهْلَ الشَّامِ وَاسْتُشْهِدَ فَتَوَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَدَفْنَهُ وَأَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَكَانَ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ ذَاكَ مَوْلَايَ.
وفي هذا الخبر ضروب من المعجز أحدها علم الغيب والقوة التي خرق بها العادة وتميزه بخصوصيتها من الأنام مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى وفي ذلك يقول إسماعيل بن محمد الحميري المعروف بالسيد في قصيدته البائية