الرسول صلی الله علیه وسلم حقوقهم وحظوظهم فإن عمر لما كتبوا الدواوين وقدموا ذكره أنكر ذلك وقال ابدءوا بطرفي رسول الله صلی الله علیه وسلم وضعوا آل الخطاب حيث وضعهم الله قالوا فأنت أمير المؤمنين فأبى إلا تقديم بني هاشم وتأخر نفسه فلم ينكر عليه منكر وصوبوا رأيه وعدوا ذلك من مناقبه.
واعلم أن الله لو أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس لما أبانهم بسهم ذوي القربى ولما قال (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وقال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم فكل من كان أقرب كان أرفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة وما هذا التحريم إلا لإكرامهم على الله ـ ولذلك قال للعباس حيث طلب ولاية الصدقات لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم بل أوليك سقاية الحاج والإنفاق على زوار الله ولهذا كان رباه أول ربا وضع ودم ربيعة بن حارث أول دم أهدر لأنهما القدوة في النفس والمال ولهذا قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام عَلَى مِنْبَرِ الْجَمَاعَةِ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ لَا يُقَاسُ بِنَا أَحَدٌ وصدق صلی الله علیه وسلم كيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلی الله علیه وسلم والأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج العباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم والأنصار أنصارهم والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم والصديق من صدقهم والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم وقَالَ علیهما السلام فِيمَا أَبَانَ بِهِ أَهْلَ بَيْتِهِ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الْخَلِيفَتَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ كِتَابَ اللهِ حَبَلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي نَبَّأَنِي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي.
واعلم أن الرجل قد ينازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات فإن لم يتحفظ وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها ووجد في قلبه غلظة