على شارب ماء الفرات لم يكن يجدها فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسلنا نحكم لجميع المرسلين بالتصديق ولجميع السلف بالولاية ونخص بني هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة.
فأما علي بن أبي طالب علیهما السلام فلو أفردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية كلاما لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر رحيب فأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد لقديمه وليس التدبير في وصف مثله إلا ذكر جمل قدره واستقصاء جميع حقه فإذا كان كتابنا لا يحتمل تفسير جميع أمره ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله.
وأما الحسن والحسين علیهما السلام فمثلهما مثل الشمس والقمر فمن أعطي ما في الشمس والقمر من المنافع العامة والنعم الشاملة التامة ولو لم يكونا ابني علي من فاطمة علیهما السلام ورفعت من دهمك كل رواية وكل سبب توجبه القرابة لكنت لا تقرن بهما أحدا من أجلة من أولاد المهاجرين والصحابة إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قَوْلِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم إِنَّهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وجميع من هما سادته سادة والجنة لا تدخل إلا بالصدق والصبر وإلا بالحلم والعلم وإلا بالطهارة والزهد وإلا بالعبادة والطاعة الكثيرة والأعمال الشريفة والاجتهاد والأثرة والإخلاص في النية فدل على أن حظهما في الأعمال المرضية والمذاهب الزكية فوق كل حظ.
وأما محمد ابن الحنفية فقد أقر الصادر والوارد والحاضر والبادي أنه كان واحد دهره ورجل عصره وكان أتم الناس تماما وكمالا.
وأما علي بن الحسين علیهما السلام فالناس على اختلاف مذاهبهم مجمعون عليه لا يمتري أحد في تدبيره ولا يشك أحد في تقديمه وكان أهل الحجاز يقولون لم نر ثلاثة في دهر يرجعون إلى أب قريب كلهم يسمى عليا وكلهم يصلح للخلافة لتكامل خصال الخير فيهم يعنون علي بن الحسين بن علي علیهما السلام وعلي بن عبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهم ولو عزونا لكتابنا هذا ترتيبهم