أُمُّ سَلَمَةَ مَنْ فِي الْبَابِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُولَ عَلِيٌّ أَنَا عَلِيٌّ قُومِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَافْتَحِي لَهُ الْبَابَ وَمُرِيهِ بِالدُّخُولِ فَهَذَا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَيُحِبُّهُمَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَمَنْ هَذَا الَّذِي تَذْكُرُ فِيهِ هَذَا وَأَنْتَ لَمْ تَرَهُ فَقَالَ مَهْ يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَهَذَا رَجُلٌ لَيْسَ بِالْخَرِقِ وَلَا بِالنَّزِقِ (١) هَذَا أَخِي وَابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقُمْتُ مُبَادِرَةً أَكَادُ أَنْ أَعْثُرَ بِمِرْطِي (٢) فَفَتَحْتُ الْبَابَ فَإِذَا أَنَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَوَ اللهِ مَا دَخَلَ حِينَ فَتَحْتُ حَتَّى عَلِمَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ إِلَى خِدْرِي.
ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا الْحَسَنِ اجْلِسْ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَلَسَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهُ قَصَدَ لِحَاجَةٍ وَهُوَ يَسْتَحْيِي أَنْ يُبْدِيَهَا فَهُوَ مُطْرِقٌ إِلَى الْأَرْضِ حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم عَلِمَ مَا فِي نَفْسِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنِّي أَرَى أَنَّكَ أَتَيْتَ لِحَاجَةٍ فَقُلْ مَا حَاجَتُكَ وَأَبْدِ مَا فِي نَفْسِكَ فَكُلُّ حَاجَةٍ لَكَ عِنْدِي مَقْضِيَّةٌ.
قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَقُلْتُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ أَخَذْتَنِي مِنْ عَمِّكَ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَا عَقْلَ لِي فَغَذَّيْتَنِي بِغَذَائِكَ وَأَدَّبْتَنِي بِأَدَبِكَ فَكُنْتَ لِي أَفْضَلَ مِنْ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ فِي الْبَرِّ وَالشَّفَقَةِ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى هَدَانِي بِكَ وَعَلَى يَدَيْكَ وَاسْتَنْقَذَنِي مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ آبَائِي وَأَعْمَامِي مِنَ الْحَيْرَةِ وَالشِّرْكِ وَأَنَّكَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ذُخْرِي وَذَخِيرَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْ أَحْبَبْتُ
________________
(١) خرق ـ بكسر الراء ـ خرقا فهو خرق ـ : ككتف ـ دهش ، وخرق الرجل في البيت : أقام فلم يبرح ولازق بالأرض. والنزق : خفة في كل امر وعجلة في جهل وحمق فلعل المعنى ـ واللّه أعلم ـ : هذا رجل ليس متكاسلا مبطئا في الأمور كمن لزق بالأرض وتحير ، ولا بعجول ووارد فيه من غير بصيرة.
(٢) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان يؤترز به وربما تلقيه المرأة على رأسها وتتلفع به.