يَا بُنَيَّةِ مَا أَبُوكِ بِفَقِيرٍ وَلَا بَعْلُكِ بِفَقِيرٍ وَلَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ خَزَائِنُ الْأَرْضِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَاخْتَرْتُ مَا عِنْدَ اللهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ يَا بُنَيَّةِ لَوْ تَعْلَمِينَ مَا عَلِمَ أَبُوكِ لَسُمِجَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِكِ وَاللهِ يَا بُنَيَّةِ مَا أَلَوْتُكِ نُصْحاً أَنْ زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَعْظَمَهُمْ حِلْماً يَا بُنَيَّةِ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا رَجُلَيْنِ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا أَبَاكِ وَالْآخَرَ بَعْلَكِ يَا بُنَيَّةِ نِعْمَ الزَّوْجُ زَوْجُكِ لَا تَعْصِي لَهُ أَمْراً ثُمَّ صَاحَ بِي رَسُولُ اللهِ يَا عَلِيُّ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ ادْخُلْ بَيْتَكِ وَالْطُفْ بِزَوْجَتَكِ وَارْفُقْ بِهَا فَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْلِمُنِي مَا يُؤْلِمُهَا وَيَسُرُّنِي مَا يَسُرُّهَا أَسْتَوْدِعُكُمَا اللهَ وَأَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمَا.
قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَوَ اللهِ مَا أَغْضَبْتُهَا وَلَا أَكْرَهْتُهَا عَلَى أَمْرٍ حَتَّى قَبَضَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ وَلَا أَغْضَبَتْنِي وَلَا عَصَتْ لِي أَمْراً وَلَقَدْ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَتَنْكَشِفُ عَنِّي الْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِيَنْصَرِفَ فَقَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ يَا أَبَهْ لَا طَاقَةَ لِي بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ فَأَخْدِمْنِي خَادِماً يَخْدُمُنِي وَيُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ أَوَلَا تُرِيدِينَ خَيْراً مِنَ الْخَادِمِ فَقَالَ عَلِيٌّ قُولِي بَلَى قَالَتْ يَا أَبَهْ خَيْراً مِنَ الْخَادِمِ فَقَالَ تُسَبِّحِينَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَتَحْمَدِينَهُ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَتُكَبِّرِينَهُ أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ مَرَّةً فَذَلِكِ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفُ حَسَنَةٍ فِي الْمِيزَانِ يَا فَاطِمَةُ إِنَّكِ إِنْ قُلْتِهَا فِي صَبِيحَةِ كُلِّ يَوْمٍ كَفَاكِ اللهُ مَا أَهَمَّكِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ تَصْنِيفِ أَبِي بَشِيرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالدُّولَابِيِّ مِنْ نُسْخَةٍ بِخَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ وَضَّاحٍ الْحَنْبَلِيِّ الشَّهْرَابَانِيِّ وَأَجَازَ لِي أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ كُلَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ مَشَايِخِهِ وَهُوَ يَرْوِي كَثِيراً وَأَجَازَ لِي
________________
(١) سمج الشيء : قبح.
(٢) وفي بعض النسخ «وما خير من الخادم؟ »
(٣) نسبة إلى شهر آبان : قرية كبيرة عظيمة ذات نخل وبساتين من نواحي بغداد من سمت الشرق.