بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام عِنْدَ عَائِشَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ حَاضِرٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ مِنْ أَكْرَمِ رِجَالِنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَاكَ اصْطَفَاهُ اللهُ بِنُصْرَةِ رَسُولِ اللهِ وَأَرْضَاهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِأُخُوَّتِهِ وَاخْتَارَهُ لِكَرِيمَتِهِ وَجَعَلَهُ أَبَا ذُرِّيَّتِهِ وَوَصِيَّهُ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنِ ابْتَغَيْتَ شَرَفاً فَهُوَ فِي أَكْرَمِ مَنْبِتٍ وَأَوْرَقِ عُودٍ وَإِنْ أَرَدْتَ إِسْلَاماً فَأَوْفِرْ بِحَظِّهِ وَأَجْزِلْ بِنَصِيبِهِ وَإِنْ أَرَدْتَ شَجَاعَةً فَبِهِمَّةِ حَرْبٍ وَقَاضِيَةِ حَتْمٍ يُصَافِحُ السُّيُوفَ أُنْساً لَا يَجِدُ لِمَوْقِعِهَا حِسّاً وَلَا يُنَهْنَهُ نَعْنَعَةً (١) وَلَا تُقِلُّهُ الْجُمُوعُ اللهُ يَنْجُدُهُ وَجَبْرَئِيلُ يَرْفِدُهُ (٢) وَدَعْوَةُ الرَّسُولِ تَعْضُدُهُ أَحَدُّ النَّاسِ لِسَاناً وَأَظْهَرُهُمْ بَيَاناً وَأَصْدَعُهُمْ بِالثَّوَابِ فِي أَسْرَعِ جَوَابٍ عِظَتُهُ أَقَلُّ مِنْ عَمَلِهِ وَعَمَلُهُ يُعْجِزُ عَنْهُ أَهْلَ دَهْرِهِ فَعَلَيْهِ رِضْوَانُ اللهِ وَعَلَى مُبْغِضِيهِ لَعَائِنُ اللهِ.
وَنَقَلْتُ مِنْ أَمَالِي الطُّوسِيِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَامَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي سَائِلُكَ لِآخُذَ عَنْكَ وَلَقَدِ انْتَظَرْنَا أَنْ تَقُولَ مِنْ أَمْرِكَ شَيْئاً فَلَمْ تَقُلْهُ أَلَّا تُحَدِّثَنَا عَنْ أَمْرِكَ هَذَا كَانَ بِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَوْ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ أَنْتَ فَإِنَّا قَدْ أَكْثَرْنَا فِيكَ الْأَقَاوِيلَ وَأَوْثَقُهُ عِنْدَنَا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْكَ وَسَمِعْنَاهُ مِنْ فِيكَ إِنَّا كُنَّا نَقُولُ لَوْ رَجَعَتْ إِلَيْكُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَمْ يُنَازِعْكُمْ فِيهَا أَحَدٌ وَاللهِ مَا أَدْرِي إِذَا سُئِلْتُ مَا أَقُولُ أَزَعَمَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا أَوْلَى بِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْكَ فَإِنْ قُلْتُ ذَلِكَ فَعَلَامَ نَصَبَكَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعْدَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَإِنْ تَكُ أَوْلَى مِنْهُمْ بِمَا كَانُوا فِيهِ فَعَلَامَ نَتَوَلَّاهُمْ.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَبَضَ نَبِيَّهُ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا يَوْمَ قَبَضَهُ أَوْلَى بِالنَّاسِ مِنِّي بِقَمِيصِي هَذَا وَقَدْ كَانَ مِنْ نَبِيِّ اللهِ إِلَيَّ عَهْدٌ لَوْ خَزَمْتُمُونِي بِأَنْفِي لَأَقْرَرْتُ (٣) سَمْعاً لِلَّهِ وَطَاعَةً وَإِنَّ أَوَّلَ مَا انْتَقَصْنَا بَعْدَهُ إِبْطَالُ حَقِّنَا فِي
________________
(١) قوله عليه السلام ينهنه كأنّه بالبناء للمفعول من نهنه عن الشيء نهنهة : كف عنه وزجره والنعنعة : الضعف والاضطراب. وفي بعض النسخ «نغنغة» بالمعجمتين وهو بمعنى التحريك.
(٢) نجده : أعانه. ورفده بمعناه أيضا.
(٣) خزم انف فلان اي اذله وسخره واللفظ كناية.