الْخُمُسِ (١) فَلَمَّا رَقَّ أَمْرُنَا طَمِعَتْ ريعان [رُعْيَانٌ] (٢) مِنْ قُرَيْشٍ فِينَا وَقَدْ كَانَ لِي عَلَى النَّاسِ حَقٌّ لَوْ رَدُّوهُ إِلَيَّ عَفْواً قَبِلْتُهُ وَقُمْتُ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكُنْتُ كَرَجُلٍ لَهُ عَلَى النَّاسِ حَقٌّ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ عَجَّلُوا لَهُ مَالَهُ أَخَذَهُ وَحَمِدَهُمْ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَّرُوهُ أَخَذَهُ غَيْرَ مَحْمُودِينَ وَكُنْتُ كَرَجُلٍ يَأْخُذُ السُّهُولَةَ وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُحْزَنٌ (٣) وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْهُدَى بِقِلَّةِ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنَ النَّاسِ وَإِذَا سَكَتُّ فَاعْفُونِي فَإِنَّهُ لَوْ جَاءَ أَمْرٌ تَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى الْجَوَابِ أَجَبْتُكُمْ فَكُفُّوا عَنِّي مَا كَفَفْتُ عَنْكُمْ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنْتَ لَعَمْرُكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيْقَظْتَ مَنْ كَانَ نَائِماً |
|
وَأَسْمَعْتَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أُذُنَانِ |
وَعَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مَقَالَتِي وَعُوا كَلَامِي إِنَّ الْخُيَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ (٤) وَالنَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ يَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ أَلَا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ فَلَا تَنَابَزُوا وَلَا تَخَاذَلُوا فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ وَسُبُلَهُ قَاصِدَةٌ مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَمَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ وَمَنْ فَارَقَهَا مَحَقَ (٥) لَيْسَ الْمُسْلِمُ بِالْخَائِنِ إِذَا اؤْتُمِنَ وَلَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَلَا بِالْكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَقَوْلُنَا الْحَقُّ وَفِعْلُنَا الْقِسْطُ وَمِنَّا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَفِينَا قَادَةُ الْإِسْلَامِ وَأُمَنَاءُ الْكِتَابِ نَدْعُوكُمْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِلَى جِهَادِ عَدُوِّهِ وَالشِّدَّةِ فِي أَمْرِهِ وَابْتِغَاءِ رِضْوَانِهِ وَإِلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحِجِّ الْبَيْتِ وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَتَوْفِيرِ الْفَيْءِ لِأَهْلِهِ.
أَلَا وَإِنَّ أَعْجَبَ الْعَجَبِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ الْأُمَوِيَّ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ
________________
(١) وفي نسخة «من الخمس».
(٢) ريعان كل شيء : أوله.
(٣) أي أخذ الحزونة وهي الأرض الغليظ.
(٤) الخيلاء ـ بضم الأولى وفتح الثانية ـ : العجب والكبر.
(٥) مرق من الدين : خرج منه ببدعة أو ضلالة. والمحق : نقص الشيء قليلا قليلا.