شعر
هم القوم من أصفاهم الود مخلصا |
|
تمسك في أخراه بالسبب الأقوى |
هم القوم فاقوا العالمين مآثرا |
|
محاسنها تجلى وآياتها تروى |
بهم عرف الناس الهدى فهديهم |
|
يضل الذي يقلى ويهدي الذي يهوى |
موالاتهم فرض وحبهم هدى |
|
وطاعتهم قربى وودهم تقوى |
وقد كانت نفسي تنازعني دائما أن أجمع مختصرا أذكر فيه لمعا من أخبارهم وجملة من صفاتهم وآثارهم وكانت العوائق تمنع من المراد وعوادي الأيام تضرب دون بلوغ الغرض بالإسداد والدهر يماطل كما يماطل الغريم وحوادث الأقدار لا تنام ولا تنيم إلى أن بلغ الكتاب أجله وأراد الله تقديمه وكان أجله وأظهره في الوقت الذي قدره له وألهمني إخراجه من القوة إلى الفعل فأثبت مجمله ومفصله فأعملت فيه فكري وجمعت على ضم شوارده أمري وسألت الله أن يشد أزري ويحط بكرمه وزري ويشرح لإتمامه صدري.
فاستجاب الدعاء وتقبله وخفف عني ثقل الاهتمام وسهله فنهضت عزيمتي القاعدة وهبت همتي الراكدة وقلت لنفسي هذا أوان الشد فاشتدي وحين الاعتداد لما ينفع فاعتدي وزمان وفاء الغريم المماطل وإبان (١) إبراز الحق من حيز الباطل ووقت الاهتمام والشروع وملازمة النهج المشروع وإثبات المسند والمرفوع وذكر الأصول والفروع وضم أطراف المنقول والمسموع وتحلية الأسماع بجواهر المناقب الفائقة وإبراز الحق في صورته المعجبة الرائقة واعتمدت في الغالب النقل من كتب الجمهور ليكون أدعى إلى تلقيه بالقبول ووفق رأي الجميع متى وجهوا إلى الأصول ولأن الحجة متى قام الخصم بتشييدها والفضيلة متى نهض المخالف بإثباتها وتقييدها كانت أقوى يدا وأحسن مرادا وأصفى موردا وأورى زنادا وأثبت قواعدا وأركانا وأحكم أساسا وبنيانا وأقل شانئا وأعلى شأنا والتزم بتصديقها وإن أرمضته وحكم بتحقيقها وإن أمرضته وأعطى القيادة وإن كان حرونا (٢) وجرى في سبل الوفاق وإن كان حزونا ووافق بوده لو قدر على الخلاف وأعطى النصف من
________________
(١) ابان الشيء بكسر الهمزة وتشديد الباء : اوله. حينه.
(٢) الحرون : الذي لا ينقاد من الخيل.