وَمَا خَلَّفَ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ.
ثُمَّ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ فَبَكَى وَبَكَى النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَأَنَا ابْنُ الدَّاعِي إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ أَنَا ابْنُ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ أَنَا ابْنُ مَنْ أَذْهَبَ اللهُ (١) عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً أَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ افْتَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُمْ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فَالْحَسَنَةُ مَوَدَّتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
ثُمَّ جَلَسَ فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ هَذَا ابْنُ نَبِيِّكُمْ وَوَصِيُّ إِمَامِكُمْ فَبَايِعُوهُ فَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَى بَيْعَتِهِ فهذه أدلة قاطعة بحقية إمامته. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم ابْنَايَ إِمَامَانِ قَامَا أَوْ قَعَدَا.
وَقَوْلُهُ صلی الله علیه وسلم الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وعصمتهما معلومة ثابتة من قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (٣)
أَقُولُ بَعْضُ هَذِهِ الْخُطْبَةِ قَدْ رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ هُبَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَقَدْ فَارَقَكُمْ رَجُلٌ بِالْأَمْسِ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْآخِرُونَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَبْعَثُهُ بِالرَّايَةِ ـ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ.
________________
(١) وفي نسخة «أنا ابن الذين أذهب اللّه اه».
(٢) الشورى : ٢٣.
(٣) الأحزاب : ٣٣ ـ وقال القاضي في الاحقاق انه قد أجمع المفسرون وروى الجمهور كأحمدين حنبل وغيره انها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، ثمّ سرد في ذيله أسماء مدارك الحديث من العامّة على كثرتهم فراجع الطبع الجديد ج ٢ صلی الله علیه وسلم ٥٠٢. وقد مر فيه شطر كلام من المؤلّف (ره) أيضا في مواضع شتّى من الجزء الأول.