وقوع أحدهما في الزمان الأوّل والثاني في الزمان الثاني ، فلو فرض إيجاد هذين الفردين المتماثلين ، فإنّه لا محالة يتحقّق الميز الخارجي ، ويمكن أن يشار إليها بأنّ هذه وقعت قبل هذه وهذه وقعت بعد هذه ، وأمّا قبل إيجادهما فلا ميز خارجي بعد ولا ميز نوعي حتّى يشار إليه فيهما ، فحالهما حال العتقين المأمور بهما في مثل قوله : (اعتق رقبتين على التدريج) ، ومن الواضح أنّه لا مصحّح في مثله ، لأن يقول المولى إلّا أنّ هذا العتق لا بد أن يكون قبل هذا ، بل لو شرع في أيّ من العتقين كان هو الأوّل والآخر هو الثّاني ، فيشار إلى أحدهما بعد الإيجاد بأنّ هذا وقع قبل هذا ، ولا يصحّ أن يشار إليهما قبل الإيجاد ويحكم بالترتيب.
نعم ، لو أضاف العتق إلى رقبة خاصّة من جهة ، كما لو قال مثلا : (اعتق رقبة مسلمة وكافرة ، وليكن عتق المسلمة قبل عتق الكافرة) ، فحيث إنّه يتحقّق هناك ميز ماهويّ قبل الإيجاد ، فلا محالة تصحّ الإشارة إلى كلّ منهما بالخصوص قبل الإيجاد ، ويصحّ الحكم بوجوب الترتيب.
ومن هنا يتبيّن أنّ مثل رواية داود بن فرقد وصحيحة الحلبي ، ونحوهما ممّا استظهر المشهور دلالتها على اختصاص كلّ من الظهرين والعشاءين بمقدار من الوقت في أوّله وآخره ، أوضح دلالة على ثبوت التمايز النوعي قبل الإيجاد وحين الإيجاد ، بحيث لا يصحّ مقدار من الوقت إلّا لإيجاد أحدهما بالخصوص ، بحيث لو أوجد فيه الآخر لبطلت ، ولما حصل امتثال شيء من الأمرين ، وإن كان هذا الاستظهار ممنوعا عندنا.
أقول : الحقّ أنّ مساق مثل هذه الأخبار أيضا مساق الأخبار الدّالة على