العدول بإمكانه ، وعدم استلزامه للإبطال ، لا وجه لأن يكون شرطا لأصل وجوب الترتيب فيما تذكّر في الأثناء ، حتّى يكون ظهورها في هذا التقييد تقييدا في أصل ما استفيد من صدر الرواية المتقدّمة ، من لزوم الترتيب فيما تذكّر في الأثناء مطلقا.
نعم ، مثل هذا الإطلاق لا ينفع بالنظر إلى صور التذكّر بعد الفراغ عن الفريضة اللّاحقة ، ولكن تكفي الأخبار الدالّة على الاشتراك في مثله ، مع قطع النظر عن النصوص الخاصّة الدالّة على الاغتفار في مثله ، وعن مثل حديث لا تعاد ونحوه.
أقول : هذا كلّه مضافا إلى أنّا قد أوضحنا في بعض تنبيهات مسألة البراءة والاشتغال ، عدم معقوليّة تقييد جزئيّة شيء أو قيديّته في العمل في الواقع ، بحال التذكّر والالتفات إليه ، والدلالة على هذا التقييد ـ لحاظيّا أو بالنتيجة ـ بدليل متكفّل لبيان الحكم الواقعي أو الظاهري.
وذلك لأنّ الجزئيّة والقيديّة لا محيص عن ثبوتهما في نفس الأمر ، غاية الأمر بلا تنجّز في فروض السهو والنسيان.
نعم ، المعقول اجتزاء الشارع بالناقص بدل التامّ لمصالح تقتضي ذلك.
فأصل دعوى تقييد قيديّة مثل الترتيب بحال التذكّر ، بحسب الأدلّة الدالّة على أصل اعتباره بالتوفيق العرفي بين مجملاتها ومبيّناتها ومطلقاتها ومقيّداتها ، دعوى ساقطة جدّا.
ومنها : أنّ اعتبار الترتيب بين الفريضتين ـ وإن كان مطلقا ـ ثابت بحسب الأخبار الدالّة عليه ، مع تأيّدها بتلك الجملة الواقعة في صدر الصحيحة بالنظر إلى مطلق موارد التذكّر في الأثناء ، سواء أمكن العدول أم لا ، إلّا أنّ الظاهر من ملاحظة