الأدلّة اللبّية لا وجه للاستناد إلى الإطلاق ، فيكون الأمر راجعا إلى الخلاف المقرر في محلّه من الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ، فان قلنا بالاستقلال لا بدّ من القول بالتعبّدية وإلا فلا ، وردّ الشيخ ـ قدسسره ـ أيضا دليلهم وهو أيضا ليس في محلّه إذ الاستناد إلى الإطلاق في رفع مثل هذا التقييد فاسد إذ القيد مما لا يتحقق إلا بعد الأمر.
توضيحه :
انّ الإطلاق إنما ينهض دليلا فيما إذا كان القيد مما يصحّ أن يكون قيدا له كما إذا قيل : «أكرم إنسانا» أو «أعتق رقبة» فانه يصحّ أن يكون المطلق في المثالين مقيّدا بالإيمان والكفر والسواد والبياض ونحوها من الأنواع قيود التي لا مدخل في الأمر فيها.
وأما إذا كان القيد من القيود التي لا يتحقق إلا بعد اعتبار الأمر في المطلق ، فلا يصحّ الاستناد إلى إطلاق اللفظ في رفع الشكّ في مثل التقيّد المذكور ، ونحن بصدده من قبل الثاني فلا بدّ لنا في المقام من بيان أمرين ؛ أحدهما يتكفّل بيان الصغرى ، والآخر بيان الكبرى.
أما الأول :
فلأن القربة عبارة عن الإتيان بالفعل المأمور به على وجه يكون الداعي إليه هو الأمر ، هذا من الاعتبارات اللاحقة للفعل بعد ملاحظة كونه مأمورا به ، وأما قبل أن يعقل الفعل مأمورا به لا وجه لأن يلاحظه مقيّدا بالقربة أو مطلقا ، كما يصحّ أن يلاحظ مقيّدا بوقوعه في زمان كذا