وبعد ما عرفت من انه هو المناط في الأحكام التي نحن بصددها من لوازم الوجوب ، ينبغي العلم بفساد الوجه المذكور في مقام دفع الإشكال ، ولعل اتحاد المعنى على الوجهين ظاهر ، أو انّ الأول في الحصر دون في الثاني لعدم العلّية.
ونقول في حاسم مادة الشبهة تبعا للشيخ ـ قدسسره ـ من أنّ الحاكم بوجوب المقدّمة إنما هو العقل على القول بالوجوب ، فالقاضي في أمثال هذه الاختلافات الواقعة فيه هو ذلك الحاكم ، ولا بدّ من ملاحظة حكم العقل أن يقال : انّ الفعل الواجب الموقوف على حضور زمان تارة يكون ذلك الزمان واسعا صالحا لوقوع الفعل بجميع مقدّماته فيه وتارة يكون مقدّرا لوقوع المقدّمات فيه والأول كما في الصلاة بالنسبة إلى الطهارة والثاني كما في الصوم بالنسبة إلى الغسل. وعلى الأول إما أن يكون المكلّف عالما باقتداره من المكلّف به وقت حضور زمانه باتيانه على جميع أجزائه وشرائطه أو يشكّ في ذلك أو يعلم اقتداره له في ذلك الزمان لكنّه هو قادر على تمهيد مقدّماته قبل حضوره لا كلام في جواز التأخير عند علمه باقتداره من المكلّف به على وجهه.
وصورة الشكّ أيضا مما لا دخل لها بالمقام لأن المرجع في ذلك إلى الأصول العمليّة ، ولعل الأصل عدم الوجوب في ذلك الزمان والظنّ به ملحق إما بالعلم أو بالشكّ ، وإما عند العلم بعدم اقتداره في ذلك الوقت مع تمكّنه من المقدّمات قبله كما إذا أمر المولى عبده بالمسافرة بعد الزوال مع علمه بعدم تمكّنه من الراحلة بعده وتمكّنه قبله ، فان تهيّأ الإتيان بذلك الواجب بترتّب مقدّماته من شراء الزاد وإجارة