عين زبيدة : هى الماء الزلال الذى أجرته ـ كما سيذكر فيما بعد ـ السيدة أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور زوج هارون الرشيد ، بإنفاق مبالغ طائلة من واد يبعد ثلاثة أيام إلى مدينة مكة الله الشهيرة ، إلا أنها أهملت بعد تطهيرها فى سنة (٩٢٦) بإهمال طرقها ، ومجاريها آلت إلى الخراب وضاع ذلك الماء الذى تقوم عليه الحياة.
وكان ذلك الماء المذكور فى غاية الغزارة والعذوبة وكان يشبه ماء تقسيم (١) فى إستانبول ، وإن كان اسمه عين عرفات ؛ إلا أنه أطلق عليها عين زبيدة اعترافا لما بذلته السيدة زبيدة من همة عظيمة لجلبها.
كانت السيدة زبيدة بنت جعفر بن أبى جعفر الذى يقال له جعفر الأكبر وحفيدة أبى جعفر المنصور ثانى الخلفاء العباسية وبنت عم زوجها هارون الرشيد وكانت شهرتها القديمة «أمة العزيز» ، وكانت اعتادت فى صغر سنها أن تؤنس جدها بالرقص أمامه ، وسماها المنصور بهذا الاسم قال لها يا ابنتى إنك زبيدة فعرفت بهذا الاسم. إن السيدة زبيدة الممدوحة كانت امرأة ذات مناقب جليلة ومآثر ممدوحة وصاحبة بر وإحسان ، وقد جلبت عين حنين وأوصلتها إلى مكة المفخمة بعد أن أنفقت أموالا طائلة وخزائن وفيرة وذلك فى سنة ٢١٣ الهجرية ، إن مدينة مكة المكرمة المفخمة تقع بين سلسلة جبال سوداء جرداء خالية من المياه الجارية وفى واد غير ذى زرع غير صالح للزراعة ، لذا كان سكان حرم الله يديرون أمورهم بمياه الأمطار ، ويعانون غالبا من مشكلة قلة المياه وذلك قبل إحياء عين حنين. ويقول المؤرخون إن السيدة زبيدة قد أنفقت (١٧٠٠٠٠٠) مثقال ذهبا (٢) وأمرت بنقب جبال حنين الراسيات وجمعت المياه فى سفح الجبل الواقع فى ساحة (منى) أرض الحل ، وهكذا أروت حرم الله وأزالت منه العطش.
حكاية
بعد أن أجريت المياه إلى مكة ومهدت طرقها وصارت رصينة منيعة ، وتم عمل
__________________
(١) اسم حى من أحياء استانبول.
(٢) يساوى (٢٥٥٠٠٠٠) درهم ذهبا.