قاعدة العمل فى الأزمنة القديمة ، ولكن ترك تطهير المجرى ما يقرب من ثلاثين سنة وامتلاء المجرى ، واقتراب السيل من الدخول فى الحرم الشريف ملأ قلوب الناس بالقلق والاضطراب حتى إن السيل المخيف الذى ظهر فى ليلة الأربعاء فى اليوم الخامس أو العاشر من جمادى الأولى لسنة (٩٨٣) دخل داخل الحرم الشريف وحجبت المياه المتجمعة الحجر الأسود وباب الكعبة حتى قفلته ، وظلت فى داخل الحرم يوما وليلة واحدة ، ومنعت الناس من أداء الصلاة فى داخل الحرم يوما وليلة واحدة ، ومنعت الناس من أداء الصلاة فى سبعة أوقات ، وعندما زالت هجمات السيل المخيف وأمكن السير فى داخل المسجد الحرام طهر مجرى السيل والطريق القديم للسيل وأخرجت الأحجار والأوحال التى تراكمت هنا وهناك ، وغسلت الأماكن الكثيرة الكائنة داخل الحرم وخارجه ، وفرش داخل ساحة الحرمين بالرمال والحصى.
وقد ظهر السيل المذكور قبل تعميق المجرى فاستصوب رأى أحمد بك الذى سبق ذكره ، وعمق حفرة المجرى بحيث لا تدخل مياه السيول فى داخل الحرم ، وذلك بتدبير من شريف مكة وسادتها وأعيانها وأهاليها ، واتخذوا تطهير المجرى وتنظيفه كل سنتين مرة قاعة لا يحيدون عنها.
وما كان القيام بهذا العمل ميسرا لكائن من كان سواء من سلاطين العثمانيين أو خلفاء بغداد أو ملوك مصر ، ولذلك عد إنجاز هذا العمل من أعظم آثار هذين السلطانين العثمانيين وثمرة هذا المسعى. وتم هذا العمل بعد أربعة أعوام ، وينقل عن أحمد بك نقلا موثوقا أن ما أنفق من الخزينة الخاصة للسلطان (١١٠٠٠) قطعة ذهبية لإتمام هذا العمل ما عدا ما أرسل إلى أحمد بك من جانب الإدارة المصرية من الآلات والمسامير الحديدية وأشياء أخرى خشبية والعلامات الذهبية التى وضعت فوق القباب ، وكلها خارج الحساب وبعد أن تم ترميم الحرم الشريف وتطهير المجرى ، أرسل بيان بكل ما تم عمله إلى استانبول ، وسرت منه جماعات المسلمين سرورا عظيما ونظمت أبيات شعرية تؤرخ تمام هذا العمل العظيم بلغات مختلفة وقدمت إلى أعتاب السلطان.