عليه الرسالة وهو فيه يتحدث وتردد عليه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيه وأما أبو قبيس فأخذت منه لأنه أقرب جبال الحرم إلى البيت وأما ثبير ـ واختلف فيه فقيل هو الجبل الذى على يسار الذاهب من منى إلى عرفة وهو قول المحدثين وقال الفقهاء إنه الجبل الذى عن يمين الذاهب من منى إلى عرفة ووجه ما قاله الفقهاء أن النبى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أنزلت عليه «والمرسلات» وهو فى غار فى سفحه وهو معروف ، وأما أحد فوجه الأخذ منه قوله «اثبت أحد فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان» (١) وبقية توجيهاتها يطول تتبعه ولا يهمنا لعدم الحاجة إليه الآن لبعده وللاستغناء عنه بغيره.
وقول الشيخ العلامة الرحالة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمى إنها تؤخذ من المحل الذى أخذت منه قريش حجارة البيت كما فعل ابن الزبير غير ظاهر إذ لم يبين ما أخذت منه قريش فهو إما أن يكون أحد الجبال الاثنى عشر أو غيرها فإن كان أحدهما فنسبته إلى الخليل ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أولى من نسبته لقريش ، وإن كان من موضع غير الإثنى عشر ففيه مجال للنظر يعلم بالتأمل ، ومعاذ الله أن ابن الزبير يتبع قريشا ويترك الخليل ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ.
وأما الثانى فيتضمن ما قلناه قبل بيان الحكم فيه وهو أنه يجوز للناظر المذكور الشروع فى أخذ حجارتها وقد بينا ما يؤخذ منه وأما إصلاح ما انكسر منها ورده فيها فى الظاهر أنه غير جائز لأن البيت إن رد المنكسر الناقص إليه لا يتكيف بالكيفية التى كانت بل يتكيف بكيفية ردئية يمجها أرباب الصنعة وهذا غير لائق بقبلة الإسلام ، ثم إن اضطر إلى ذلك رد لكن لا ضرورة تدعو إليه.
وأما الثالث وهو ما يصرف على تلك المقدمات فيجب أن يكون حلالا متيقن الحلية ، ولا يجوز أن يكون مظنونها وهو ما توهم فيه عدم الحلية ، فإن لم يوجد
__________________
(١) أخرجه البخارى فى فضائل الصحابة الحديث رقم ٣٦٧٥ فى فضائل أبى بكر الصديق ، الحديث رقم ٣٦٨٦ فى مناقب عمر والحديث رقم ٣٦٩٩ فى مناقب عثمان رضى الله عنهم جميعا. وأخرجه الترمذى فى المناقب حديث رقم ٣٦٩٧. وأبو داود فى السنة حديث ٤٦٥١ ، والإمام أحمد فى المسند ٥ / ٣٣١ ، ٣٤٦. والبيهقى فى الدلائل ٦ / ٣٥٠.