ويلزم بناء على هذه الرواية أن يكون مقدم طائفة اليهود إلى المدينة المنورة منذ زمن بعيد وقال : «بينما كانت المدينة المنورة واديا خاليا من آثار العمارة قدم إليها (تبع) من ملوك اليمن.
وكان ملكا ذا شأن ، قدم إليها مع حاشيته وجنوده وطلب منه العلماء اليهود الذين كانوا معه أن يسمح لهم بالإقامة فى هذا المكان ، واستغرب تبع من طلب اليهود الذين يتسمون بالفطنة فى رغبتهم فى الإقامة فى هذا المكان الموحش ، واستوضح منهم غرضهم من هذه الإقامة ، فقالوا له : قد استنبطنا من آيات التوراة أن هذا المكان سيكون مهجرا لنبى عالى المنزلة ، هو نبى آخر الزمان ، ومن الواضح والمؤكد أننا لن ندرك زمن ظهور هذا النبى ، إلا أننا أردنا أن نوصى أحفادنا الذين سيدركون هذا النبى باعتناق ذلك الدين الحنيف ، وأن يفدوا بأرواحهم فى سبيل الدفاع عن هذا الدين».
وقد تأثر الملك من هذا الرد العجيب ، وعرف صفات باعث إيجاد الماء والطين «عليه سلام الله المعين» بالسؤال والبحث ، فسمح لأربعمائة من العلماء بالبقاء فى هذا المكان ، وبما بزغ فى قلبه من حب النبى صلى الله عليه وسلم أمر ببناء منزل فخم يعادل «الخورنق» لكل واحد منهم كما أمر بإعطاء جارية لا مثيل لها لكل واحد منهم.
وأنشد تبع الأبيات الآتية وسلمها لأفضل هؤلاء العلماء اليهود وأكثرهم تبحرا فى العلم ، والذى كان مع الملك المشار إليه ورغب فى البقاء فى أرض يثرب من شدة إخلاصه لسلطان الأنبياء «عليه أذكى التحايا».
شهدت على أحمد أنه |
|
رسول من الله بارى النسم |
فلو مد عمرى إلى عمره |
|
لكنت له وزيرا وابن عم |
وأودع هذه الأبيات بعد أن كتبها فى لوحة مزينة إلى ذلك الفاضل السالف الذكر ، وألقى خطبة يبين فيها إيمانه بما جاء به صلى الله عليه وسلم قبل بعثة بسبعمائة سنة.
صورة خطبة الملك تبع
«يا أيها الفاضل فريد عصره إن هذه الدار العظيمة التى هيأتها لمحمد صلى الله عليه وسلم ذات